لم يكن الطفل الغارق واخوه ووالدته ضحايا لاجرام بشار الاسد فقط كما يصور لنا شعب الخليفة الاردوغاني، بل كانوا ضحية لبشار وداعش والنظام التركي. فعبدالله - رب الاسرة- لم يقرر الهجرة الا بعد تجارب سيئة في دمشق وكوباني واسطنبول!.
بدأ عبدالله الكردي رحلته من دمشق لاجئا في كوباني، فترك اسرته هناك وذهب ليعمل في استنبول في مصنع اقمشة، وكان يعمل تحت ظروف غير انسانية ل 12 ساعة يوميا، وكان يبيت في المصنع للتوفير وكان يقفل عليه وزملاءه الباب من الخارج!.
لحقت به اسرته بعد ان هاجمت داعش كوباني في 2014، ووجد عملا اخرا في البناء، فكان يحمل اكياس الاسمنت الثقيلة - 200 كيس في اليوم - 11 ساعة - حسب تقديره، ومع ذلك فإن العائد لم يكن يغطي نفقات الايجار والدواء التي كانت تغطيها له اخته والى مصاريف رحلة الموت.
ساعدته شقيقته الكندية لفترة الى تم رفض طلب لجوءه لكندا، وحاول بعد ذلك الدخول لاوربا برا ولم يفلح ومن ثم وجد نفسه في مركب الموت مع اسرته.
ان استذكار تفاصيل القصة يجعل الصورة اوضح امامنا في تقييمنا لحالة اللاجئين، فاسباب المعاناة متعددة، تبدأ عند الاسد والدواعش ولا تقف عند النظام التركي، و قرار الهجرة واللجوء لا يعني انتهاء المعاناة.
في المانيا "طارت السكرة واتت الفكرة!"، فبعد اهازيج النجاح التي اطلقها اللاجئين والمرحبين بهم، و بالرغم من استفادة المانيا الاقتصادية مستقبلا، فإن موجة الهجرة المفاجئة قد فتحت باب التساؤل حول امكانية دمج المهاجرين وتحسين ظروفهم بسرعة كبيرة قبل ان يتحول الامر الى ازمة، فالاسكان و الخدمات والتدريب والتوظيف امور غير معدة لمثل هذه الموجة من اللاجئين.
استذكر هذه الحالة بعد الاطلاع على بيان المطالبة باستضافة لاجئين سوريين في الكويت، المطالبة الانسانية الرفيعة التي تقدم بها الاخوات والاخوة وهي محل ثناء و تقدير، ووجود هذه الصفوة بهذه النوايا هو مبعث امل. لكن لايجب ان يسقط من الاعتبار الواقع الذي يدلل على ان انتقال السوريين سيعود عليهم بالسوء باغلب الاحوال، فمجتمعاتنا لازالت تعاني من تأخر في جانب الترحيب بالغرباء، ولا ادل على ذلك سوى ظروف العديد من العمالة الوافدة والتي تشابه ظروف عبدالله الكردي عندما كان في تركيا. وهي بحاجة لنظر وحل بالاضافة لظروف البدون، بل ان مجتمعاتنا تعاني حتى من تقبل المواطن المختلف!.
ان الازمة السورية ستطول كما هو واضح من اخر الاخبار واهمها الاسناد الروسي الاخير، ولذلك فإن فكرة تشييد مخيمات لن تكون مجدية لاناس بحاجة لحلول طويلة المدى منها ما يحتاج حتى لتعديل القوانين تضمن استدامة واستقرار من خلال ضمان حقوق مدنية كاملة في فترة زمنية معينة للاجئين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق