من السهل استنكار المواقف البائسة للحكومات العربية تجاه قضية النازحين السوريين. ومن السهل مطالبة هذه الحكومات الصماء بإتخاذ قرار فسح المجال لاستقبال اللاجئين السوريين، ولكن مثل هذه المطالب لا تتوقف هنا، وانما تطرح تساؤلات مهمة حول واقع حقوق الانسان في هذه الدول واستعداد المجتمع للتحول الى التعدية الاثنية - التعددية الثقافية- عوضا عن حالة تسيد العرق او الدين او المذهب، بالاضافة الى نقص المعلومات حول كيفية دمج اللاجئين بالمجتمع على مدى سنوات.
المانيا سمحت للاجئين للانتقال اليها بقرار استثنائي على مستوى اوربا، والحكومة الالمانية تواصل محاولاتها للضغط على باقي اوربا لتسهيل عملية اللجوء تحت عنوان الدافع الانساني. والمانيا تبنت هذه السياسة بناءا على اغلبية 60% تؤيد هذه السياسات.
هذه الاخبار ذات الطابع الانساني المجيد هي مبعث امل، ولكن مثل هذا الموقف لايمكن ان يعزل عن جانب المصلحة الوطنية للالمان.
الالمان في الحقيقة لديهم مشكلة تتمثل بقلة فئة الشباب بمقابل كبار السن، وبالتالي فهي - كوصف شبيغل - تعجز بسرعة مما ينذر بمشكلة ندرة العمالة - خصوصا اليدوية البسيطة. هذه المشكلة دعت رجال اعمال للمطالبة بتسهيل الاجراءات البيروقراطية امام لاجئي دول العالم الثالث.
الا ان فسح المجال بهذه الصورة قد يؤدي الى تكدس اللاجئين فوق خط الحاجة الالمانية، الامر الذي يفسر التركيز الالماني على مسألة انفتاح الاتحاد الاوربي على اللاجئين.
في النموذج الالماني فإن علاج الازمة الانسانية متكيف مع المصلحة الوطنية، هذا بالاضافة الى الخبرة الالمانية في جانب - التعددية الثقافية.
كل هذه العوامل تفتقدها دولنا ومجتمعاتنا، فلا التعددية الثقافية متقبلة عند الحكومات والكثير من الناس، بحيث ان اغلب مواطني بلداننا لازالوا يعانون من وجود الاخر المختلف على اساس الطبقة والعرق والقبيلة والعائلة والطائفة والدين والقومية والجنس واللون.
اضف الى ذلك مسألة غياب الشعور الانساني لدى الكثيرين - اقلها تجاه البدون والعمالة الوافدة والمتهمين كمثال، بل وتصل الى حد التعرض لكرامات المواطنين الذين لا يسندون ظهورهم على واسطة.
ومع غياب الديمقراطية وبالتالي غياب الشفافية، مما يؤدي الى ندرة المعلومات، فإن من الصعب الاطمئنان الى امكانية الحكومات بادارة هذا الملف بطريقة نافعة لا العكس.
غياب هذه العوامل لا يسر ولا يبعث الامل في ان يكون تحول اتجاه اللاجئين للدول العربية به خير لهؤلاء الناس ولهذه الدول التي تقطف نتاج سياسات السوء والرجعية والتخلف فباتت بلا دور مؤثر على الصعيد الانساني الاسلامي العربي.
اتركوا اللاجئين على طريقهم نحو اوربا المساواة والعدالة والانحياز لحقوق الانسان، واتركوا تلك المجتمعات لتستفيد من الطاقات الشبابية و من العقول والخبرات التي هربت من جحيم الحروب المقدسة. وتولوا شأن فوضاكم ومآسيكم!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق