السبت، 28 نوفمبر 2015

الارهاب .. والتقوقع السني.

لازال خبراء الارهاب يتوقعون الاسوأ مما حدث في باريس على مستوى اوربا, ولذلك فإن التعامل مع مسألة الارهاب وتجفيف منابعه ستزداد جديته في حال لو قامت داعش بالمزيد من الاعمال ضد اوربا.

الى الان فإن التحرك لازال بطئ سواءا بالنسبة للوضع في سوريا او في داخل اوربا, ولكن هذا لا يعني ان مواجهة الامر ستستمر على ذات الوتيرة, فأعداد الارهابيين المحتملين في اوربا تقدر بالالاف, واغلبهم يعود بجذوره للتطرف السني في العالم الاسلامي وتحديدا لفترات ملاحقة الاسلاميين, كملاحقة سلف الجزائر في التسعينيات وهروب الكثير منهم الى اوربا وبالاخص فرنسا.

من هنا اعود الى مسألة سوريا بالنسبة لدعوات الاشتراك والتنسيق مع روسيا في قصف داعش, وكيف ان مثل هذا التنسيق وبل على مستوى قد يتسع ليشمل النظام السوري وايران, فإن التحرك بهذا الاتجاه من الطبيعي ان يؤدي الى المزيد من التضييق على الحكومات السنية واولهم السعودية وتركيا, فالسعودية في موقع الشبهة من جانب رعاية الارهاب وتصديره وربما الاستمرار بدعمه, او التشدد الوهابي على الاقل, اما تركيا فلديها مشكلة كبيرة في جانب رعاية الدواعش من خلال شراء النفط او من خلال فتح المعابر لهم.

هذا ما ينعكس ايضا من الموقف الغربي المتحرج من تأكيد الدعم للحليف التركي في ازمة اسقاط الطائرتين الروسيتين, وهو ما يفسر التصريحين المتناقضين لاردوغان في اقل من 24 ساعة, فهو من صرح بلطافة بأن الموقف كان سيختلف لو انهم كانوا يعلمون بأن الطائرتين تابعتان للسلاح الروسي, وهو من حاول الاتصال ببوتين الذي رفض تلقي المكالمة لأنه لم يكن متأملا اي اعتذار تركي. هذا الخطاب الموجه اساسا للاوربيين الذين يعملون على التنسيق مع روسيا تحت شعار محاربة داعش, وطبعا لقاء هولاند ببوتين لايمكن تجاهل ما ورد به من تفاهمات تقرأ على انها من تداعيات حادثة اسقاط الطائرتين.

التصريح الثاني لاردوغان بأن "روسيا تلعب بالنار" يأتي في سياق الاستهلاك المحلي, فاردوغان لازال مصرا على لقاء بوتين الذي لازال يتجاهل اردوغان.

ان استمرار ذات السياسات للتيار السني - سواءا تركيا او السعودية - سيؤدي الى تقهقر وتقوقع وانعزال كالذي يدعو اليه كيسنجر الذي دعى في احد اخر لقاءاته - مع شبيغل الالمانية - الى التنسيق مع الروس وترتيب اوراق ازمة اوكرانيا معهم من اجل مواجهة الارهاب الاسلامي- السني.

وبالنظر الى واقع الدول السنية فهي غير قادرة على النهوض وبعيدة كل البعد عن الاستقلال, فتركيا وتناميها الاقتصادي لازال يعتمد على الخارج - منه روسيا!, اما السعودية فمصدرها الوحيد هو النفط , اما الاوضاع العسكرية للدولتين فهي تقدر بلا شئ بالمقارنة مع امكانيات الدول الاخرى.

مثل هذه العزلة قد تؤدي الى تنامي الدور الايراني في المنطقة, بالتزامن مع حالة الانفتاح الاقتصادي امام الشركات الغربية المتعطشة.

المشكلة الاكبر تتمثل بعجز اردوغان الاكيد عن مواجهة داعش ووقف الدعم لها, فالدواعش يملأون تركيا ومن الصعب مواجهتهم ان كان اردوغان سيقوم بمحاولة لتصحيح الاوضاع.

في الحقيقة فإن هذا البوست لايأتي في سياق الفزعة للاسلام السياسي السني, وانما يأتي للتعبير عن خشيتي من نظام ديني هو اسوأ بكثير من بقية الانظمة الدينية القائمة في المنطقة, وقد يتمكن هذا النظام من تحقيق طموحاته في المنطقة بسبب التصرفات الحمقاء لبعض الحكام على مستوى الشرق الاوسط, او ربما هي اشارة الى ان الامور انفلتت وانتهت .. لا قدر الله!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق