السبت، 23 يناير 2016

ايران الفتية والخليج المنهك.

اغراق السوق بالمصادر الطبيعية, واغراق سوق العمل واشتعال المنافسة بين الايدي العاملة, وعذرية بعض الاسواق واغراءاتها للرأسمالية, هذه المغريات التي تخفف من حدة الركود الاقتصادي - او ربما تؤجل نبوءة السقوط الماركسية, كلها عوامل يجب ان توضع بعين الاعتبار عند قراءة التطور في العلاقات الايرانية الغربية. دع عنك "عبط" المؤامرة الصهيونية الصليبية الصفوية والى اخره من ترقيعات اخطاء المراحل السابقة, او لنقل القرن الماضي منذ تمدد الفكر الوهابي في المنطقة, فالعالم المتقدم كان واضحا في خطه الرأسمالي الامبريالي, باستثناء المعسكر الشرقي الذي تدثر بصبغة اشتراكية لا تعكس حقيقته. 
إن من المهم جدا الاشارة الى ان روسيا ليست اشتراكية, وانما هي قائمة على النظام الرأسمالي, وبالتالي هي مشتركة في منظومة "الارباح", والصين كذلك ولكن مع خصوصية مختلفة. 

ولا يوجد اوضح من آراء كيسنجر مقابلاته في الفترة الاخيرة, او ربما ما سرده في كتابه وورلد اوردر حول التغييرات الجذرية في السياسات الدولية في المرحلة القادمة هو ما يطبق فعليا كما هو واضح من المتغيرات المثيرة. كتلك العلاقة بين ايران والغرب.

وإحداث هذه المتغيرات يقوم على عدة ركائز, اولها التفاوض الجدي وتقديم التنازلات للاطراف الاخرى في بعض الازمات, كالتنازل والابتعاد عن ازمة القرم واوكرانيا للتفاهم مع الروس, اعطاء الصين دور اكبر في اسيا الوسطى, وما يمكن ان يتحقق مع هؤلاء من الممكن تحقيقه مع الايرانيين في الشرق الاوسط. اما الركيزة الثانية, فتتمثل بالاقرار بصلابة بعض الانظمة "كالنظام الايراني على سبيل المثال والذي فشلت محاولات بلبلته قبل سنوات, والتعامل مع هذه الانظمة كأمر واقع لطالما ان وجودها لا يعطل المصلحة, بل وربما يستغل من الناحية الاعلامية كتحالف طبيعي ضد قوى اخرى كالجماعات السنية المتطرفة".

وبمقابل النموذج الايراني, نجد ان المجتمعات العربية وانظمتها تعاني من إهتراء وعجز عن تقديم المزيد من الخدمات, او تقديم ماله قيمة, بل وربما تحولت الى عالة, فنتائج سياساتها الداعمة للتطرف قد ادت الى ما لم يعد من الممكن تداركه, فهي فقدت سيطرتها على الارهاب ولم تعد قادرة على توجيهه والتحكم فيه, ولم تعد هناك حاجة اساسا له في العالم سوى هنا في الشرق الاوسط وهو يؤدي دوره في المنطقة بشكل تلقائي, بالاضافة الى ان نفط المنطقة بدأت اهميته بالتناقص, وبالتالي لا شيئ يقدم ولا تأثير ولا دور او قيمة. 

الشرق الاوسط الذي وصل الى مرحلة الانهاك لن يخرج من دوامته بسهولة, وسيبقى منشغلا بنفسه واحسن ما قد يتحقق فيه هو تكرار السيناريو الافريقي ذو النهوض المحدد, طبعا بعد سنوات من الصراعات والحروب والدماء. 

ايران الفتية اكثر اغراءا من الخليج الذي لم يعرف كيف يوظف فرصه, فالمال كان يصدر للخارج كما النفط وبلا جدوى او خطط استدامة, مع الاستثناء لدبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق