لازالت الأزمة الخليجية في تصاعد حتى اقتربت نارها من الكويت, بعد بيان الدول الأربعة المتضمن تصنيف ثلاثة رعايا كويتيين في قائمة الارهاب, هذا التضمين إستفز الكثير من الكويتيين حيث أنه يقرأ كرسالة بأن الكويت ترعى هؤلاء وبالتالي هي ترعى الارهاب, مما يضعها في خانة قطر المحاصرة. ردة فعل الكويتيين ظهرت على شكل تعاطف مع قطر وتشكيك واستنكار لقائمة الارهاب الصادرة مساء الأمس, ولكن بالنظر بموضوعية الى البيان من جهة وردة الفعل من جهة اخرى فإن سؤالين يحتاجان للإجابة, هل تورطت الكويت حقا في دعم الإرهاب بالتمويل وربما التجنيد او بتأسيس المليشيات بشكل غير رسمي عبر أموال التبرعات التي غضت الحكومة عنها الطرف؟, وهل قطر هي فعلا تستحق المراهنة عليها كحليف بالأزمة أم انها فعلت ماهو أسوأ من البيان من عبر تشويه سمعة الكويت من خلال مؤسسة امريكية معتبرة لدى الكونغرس بل وعلى مستوى العالم وممولة من قطر؟.
هنالك عدة مصادر تشير الى تورط الكويت أهمها التقرير الأسود الذي نشرته مؤسسة بروكنغز الاميركية والتي تمولها قطر ثم افتتحت لها فرع في الدوحة, فالتقرير اشار الى عشرات الشخصيات وفصلت في نشاطاتهم وعلاقات بعضهم بتأسيس مليشيات دينية متشددة في سوريا, أي أن الغضب على قطر يفترض أن يفوق عشرات المرات الغضب على التيار السعودي!. أدناه ملخص من التقرير يبين فيه الشخصيات الكويتية وارتباطاتها مع المليشيات بالتفصيل:
* ملاحظة مهمة هنا حيث ورد إسم د. جمعان الحربش, التقرير اشار الى تنصل إخوان الكويت من نشاط الحربش واعتبروه عمل فردي لا يمثلهم, وهو كان حريص على الاشارة الى ان الجيش الحر ليس من المليشيا المتشددة (هذا الموضوع له تفصيل طويل).
اما حمد المطر فقال أن ماجمعه من أموال سلمه لشخصين ولا يدري الى اين ستذهب بالضبط حيث ان لا خبره له في موضوع ايصال الاموال للمحتاجين!.
لابد من الاشارة هنا ان التوجيه في التقرير ضد الكويت واضح وضوح الشمس, فالتقرير لم يفصل الا بحالة الكويت وبالكاد تذكر اسماء بعض الدول الخليجية الاخرى, مع ان عنوان التقرير هو:
Playing with Fire:
Why Private Gulf Financing
for Syria’s Extremist Rebels
Risks Igniting Sectarian
Conflict at Home
كثيرة هي التقارير الصحفية التي تشير الى تورط الكويت وقطر في هذه المسألة, صحيح ليس من بين تلك التقارير مابه تفصيل كالذي ورد في تقرير بروكينغز, ولكن تلك التقارير تعتبر عامل شحن على الكويت مع التصاعد المتوقع للازمة, فإن كانت السعودية قد اتخذت موقفا معاديا كما يحاول ان يصور الإخوان, فإن قطر بهذا التقرير قد اتخذت موقفا أسوأ بعشرات المرات.
لماذا تستهدف السعودية حماس؟.
هنالك اسباب عديدة لإستهداف السعودية للإخوان, ليس المجال الآن لذكرها حيث انها معروفة للغالبية, ولكن ماذا تريد السعودية تحديدا من ملاحقة حماس؟.
هنالك سببين لهذا الاستهداف السعودي لحماس, السبب الاول هو العمل على تعزيز العلاقة مع اسرائيل لمواجهة الخطر المشترك كما يرى الطرفين والمتمثل بايران وطموحاتها.
السبب الثاني هو رغبة السعودية في حسم الانقسام الفلسطيني لصالح السلطة, فقد قامت السلطة الفلسطينية لسنوات بمحاصرة قطاع غزة. السلطة مستمرة بالتقليل من الإنفاق على القطاع لإجبار حماس على تسليم القطاع لها, يضاف الى ذلك محاصرة المصريين للمعبر, ومع ذلك لم تصل حماس الى حد التراجع وتسليم القطاع للسلطة.
استمرار حماس قائم على عاملين, الأول تقديم الكويت وقطر " وبالاخص قطر" للدعم المستمر الذي يصرف بعضه على خدمات القطاع ويذهب الاخر للجناح العسكري, اما الثاني فيتمثل بأن اسرائيل تستفيد من هذا الدعم الذي يخلصها من مسؤولية الخدمات الانسانية الاساسية وكلفتها خصوصا مع تعنت السلطة. تسعى السعودية للتدخل لإضعاف حماس مما يؤدي الى بسط نفوذ السلطة الفلسطينية على القطاع من اجل الاستقرار واغلاق الباب على آلة التدمير الاسرائيلية المتكررة بسبب تصرفات حماس وبالتالي ضمان جدوى الإعمار حتى لا يتكرر السيناريو اللبناني, فقد صرفت السعودية الكثير في لبنان على البنية التحتية دون جدوى بسبب حماقات حزب الله والردود الاسرائيلية القاسية, هذا بالاضافة الى التخلص من مشاكل الاخوان المعروفة في باقي دول المنطقة.
ماذا تريد السعودية من الكويت وقطر بالنسبة لحماس؟.
معروف هو الموقف من الإخوان ومشاكلهم في المنطقة, أما بالنسبة لحماس, فالسعودية تسعى لقطع الدعم المالي القطري الكويتي للحركة من اجل اضعافها في غزة, اما مسألة طرد الحماسيين من قطر فهذا سيؤدي الى القضاء تماما على حماس خارج القطاع, فحماس لن تجد مكان آمن الا في تركيا, وتركيا قد تعهدت لإسرائيل بعدم السماح لأي نشاطات لحماس على الاراضي التركية تستهدف منها اسرائيل, أي مكان آخر لن يكون آمنا لهذه العناصر.
ردة فعل الكويت.
يجب أن تدرك الكويت بأن معسكر قطر ذو كلفة عالية جدا امام الاصرار السعودي واستعداداته للتصعيد, بدليل سياسات الجزيرة السابقة التي كانت تستهدف الكويت ومصالحها ايام المقبور صدام حسين, والان بمثل هذه التقارير التي يقصد بها تشويه صورة الكويت وتعريضها لمخاطر كبرى كما هي عادة قطر مع دول المنطقة وما آلت اليه من مصير الان لايحتاج الى توضيح. ولذلك فإنني اتمنى من الكويت ان تنظر بجدية الى حل أي خلافات وارد وقوعها مع التيار السعودي, وبالاخص في مسألة احكام القبضة على نشاطات المتشددين التي لم يصب الكويت منها الا كل الاذى, ولكن على السعودية هي الأخرى تحمل الصراحة التي فرضتها الان وتحمل مسؤولياتها تجاه الإرهاب كونها احد المنابع الفكرية له.