نقلا شبيغل الالمانية ..
المسئولون الامنيون الالمان اصدروا تقرير يتكون من 18 صفحة في دراسة الحالات الالمانية التي ذهبت للقتال في سوريا.
هذا التقرير قد افضى الى نتائج اولية حول ظاهرة التطوع لصالح ما يسمى الجهاد الاسلامي ، واهم هذه النتائج ما توصلوله الى ان دوائر الاصدقاء هي السبب الرئيسي والاكثر تأثيرا في دفع الشباب للجهاد.
هذه النتيجة التي تعتبر مفاجأة بالنسبة لهم ، هي نتيجة منطقية في حال لو نظرنا الى العامل المشترك بين الجماعات المتطرفة بانواعها وبطبيعة الواقع الاجتماعي في كل دولة عانت او لازالت تعاني من الحركات المسلحة بانواعها.. او حتى غيرها كحركات شغب الملاعب.
الشباب و اندفاعهم الطبيعي ورغبتهم في لفت انظار اقرانهم وخصوصا دائرة الاصدقاء تتناسب تناسبا طرديا مع ما لديهم من حرية في التصرف ، فمشجعي الكرة الهوليغانز الانجليز لم يكونوا سيتوقفون عن شغبهم لولا العقوبات والتشدد الامني في البطولات العالمية او المحلية ، في حين ان السني الصومالي لم يكن يمتنع عن قتل الصومالي السني الذي يختلف معه بالقبيلة، وهكذا بالنسبة للمذهب والدين وغيرها من الاسباب التي تسمح بالتطرف ان لم تكن هذه المسببات تباركه او تدعو له او ربما توجبه!.
الانجليز كدولة استطاعوا السيطرة على شغب الملاعب الى حد كبير ، في حين ان السعودية (كمثال) كانت وستبقى عاجزة عن السيطرة على التطرف ( الاسوأ والاشد من شغب الملاعب)، فهي لا تملك ادنى متطلبات اتخاذ القرار بشكل صحيح، ولا تملك ايضا تطبيق القانون بصورة مدنية بحتة ، فهي محكومة من قبل نظام قام على التطرف والتعصب الديني والحرب والاقتتال اصلا، وبالتالي فإن تورط السعوديين في التطرف لن ينتهي ببقاء نظام غير مدني..مثلا!.
وهذا القياس ينطبق على اغلب الانظمة الاخرى في المنطقة او في دول العالم الثالث بشكل عام ، ولذلك فإن الطريق عادة مايكون سالكا امام الشباب المتحمس بسبب غياب الدولة الموثوقة اجتماعيا وغياب التطبيق المدني للقانون العادل، ولذلك فإن دوائر الشباب تنشط بسهولة في بحسب اهتمامات كل دائرة على حدة وما هو متاح لها ( دينية كانت او طائفية او رياضية او جنس او مخدرات او سباقات سيارات ..)وهكذا.
وعند حدوث مثل هذا الغياب للدولة المدنية الحقيقية ، فإن الازمات في المجتمع تزداد وتتنوع وتتعقد ، فتكون الفوضى، وهي سمة كل دول العالم الثالث بلا استثناء.
وعند العودة الى المثال السعودي ، فإننا لابد من ان نستذكر غياب الاخلاق عن السياسات الانجليزية في خارج حدودها، وهنا نستذكر تاريخها في دعم ال سعود و وحلفاءه الوهابيين ، الامر الذي ورط العالم في بداية ما لا نهاية له وهو التطرف الاسلامي المتفرق في اصقاع العالم.
ان اي معالجة لمشكلة التطرف ستكون مؤقتة في حال لو انها لم تنظر الى اصل المشكلة في داخل كل مجتمع على حدة ، لأن انهاء التطرف يحتاج الى انهاء نزعة التمرد الطاغية على الشباب المتفرغ!، وهذه النزعة ليست محصورة بشباب العالم الثالث وانما حتى بالشباب المهاجر الذي عانى الكثير منهم سواء من العنف المدرسي -حتى اللفظي منه - بالصغر او من عنف المجاميع الشبابية في الشوارع ، او حتى من اهمال المجتمع له في الكبر بسبب خلفيته الاثنية. هذا بالاضافة الى ان العلاقات الدولية بين المجتمعات بحاجة الى مراجعة لدراسة حاجتها للمزيد من الاخلاق السياسية ، وبغير ذلك فإن الاوربيين و الامريكان وغيرهم أي الانسانية جمعاء ستبقى معاناتها مع الارهاب دائمة ومتزايدة ان لم تعالج الاسباب الحقيقية المؤدية للتطرف بشكل عام.