الدكتور الخطيب ,, ورثاء القومية

ماذا لو كنت جالسا مع احد كبار العائلة , واخذ يحكي عن الماضي وعن ذكرياته , فهل تعتقد بأن هذه الذكريات ستكون دقيقة تماما ؟ , وهل ستطالبه بتوثيق المعلومات التاريخية التي ترد في شهادته على تلك الايام ؟

في احسن الاحوال , فإنك ستطالب بأي ادله ملموسة من باب الذكرى والتناقل , وان لم تتوفر لك فرصة الحصول على ما يدلل على احداث او ذكريات ماضي الرجل الكبير فإنك ربما ستكتفي بتسجيل صوت هذا الرجل وهو يدلي بشهادته .

هذه الفرصة , وهي فرصة حديث الرجل الكبير متاحة لكل كبار الناس , فهذه التجارب قد نتجت عنها حكمة الكبار التي سيستفيد منها الصغار بلا شك , فلماذا يستنكر البعض على الدكتور الخطيب تذكرها ؟ , ولماذا يستنكرون علينا الاطلاع عليها ؟!.. .

الرجل قد اعلن في مقدمه كتابه - بالجزء الاول - ان ما يرويه لن يكون صحيحا او دقيقا بالضرورة , وانما هو يروي الاحداث حسب فهمه ونظرته لها , فهو صاحب تجربة سياسية واجتماعية ولم يكن يوما مؤرخا يبحث بالوثائق والادلة لتدعيم كتب التاريخ .

بالامس كررها الدكتور وقال :

«تبقى آرائي وذكرياتي في نهاية الأمر معبرة عن تجربتي الشخصية في العمل الوطني عبر عقود طويلة من الزمن، ومن حق اي كان ان يختلف معها أو يتفق».

فهل له الحق بالحديث عن تجربته ؟ , وهل لنا الحق بتصديق ما نشاء منها اعتمادا على تاريخ مصداقية الدكتور وعلى غيابها عند الاخرين ؟

الدكتور كتب ما يعرفه او يتذكره او يفهمه عن تلك الايام , وبالتالي فإن المذكرات بها ماهو صحيح ودقيق وبها ما هو عكس ذلك , المهم , ان تجربة الدكتور الغنية لم يفتنا الاطلاع على تفاصيلها بفضل توثيقها الذي اتى على شكل كتاب لا على شريط كاسيت هذه المرة !.

-----------------------

نعم يا دكتور انتهت القومية .

عندما يأتي حاكم ويدعي القومية ويحتل بلدا اخرا , وتؤيد بعض الشعوب فعلته تحت حجة الغاء الحدود الانجليزية ومن اجل تحرير فلسطين , وعندما يقتل حاكما شعبه بالكيماوي بحجه الحفاظ على هوية العراق العربية , وعندما يبطش حاكما اخرا باهالي احد الاقاليم التابعة لبلده من خلال الدعم الذي يقدمه للعصابات وقطاع الطرق .

قضت القومية يا دكتور ولم يعد لها مكانا في قلوبنا ولم تعد سوى ذكرى جميلة في بعض الاحيان ومؤلمة في احيان اكثر , بعد العراق وفلسطين والسودان وموقف بعض الدول العربية من غزو الكويت , والموقف الذي اعلنته جامعة الدول العربية و مجلس التعاون الخليجي من محاكمة البشير .

لم يعد لها مكانا بعد ذلك و ليس لنا الا المصالح كأساس علاقاتنا مع الاخرين , من العرب والمسلمين وغيرهم .

رحم الله القومية والهم ذويها الصبر والسلوان !!.