تفاصيل الاحتجاز في المباحث الجنائية كثيرة ، والتشدد بالتعامل معنا كمتهمين في جناية امن دولة كان واضحا ، كان السجان ( العريف كما يناديه المحتجزون) يتجاهل نداءاتنا في اليوم الاول ، كنا نحاول طلب نياه شرب نظيفة وكنا نحاول الشكوى ضد احد المحتجزين معنا في الزنزانة بسبب ازعاجه ( يغني ويؤذن ويحاول العبث باغراض احد الاخوة المحتجزين ). مما دعانا لتنفيذ اضراب عن الطعام منذ وصولنا لحين خروجنا اي ليومين كاملين.
كانت التجربة سيئة جدا ، مابين الحسرة بالنظر الى شباب جميل تورط في قضايا متعددة وخصوصا البدون منهم الذين يدفعون ثمن التضييق الحكومي المتعمد على فئتهم ، وبين المتورطين بقضايا مالية او مخدرات وغيرها. وبين نوم على بطانية تفرش على الارض ، وبين دورة مياه قذرة ومهينة ممتلئة بالمياه وذات صنبور ماء سفلي واحد ، وباب منخفض لا يستر ولا يُقفل، وعلى مايبدو ان الاكل لم يكن كافيا ، فكنت استمع لزنزانة تنادي الاخرى سائلة عما ان توفر بها شيئ من الخبز.
احد الاخوة المعتقلين كان يفضل السجن العمومي على المباحث الجنائية ، فالمدانين يحصلون على ظروف معيشية في الاحتجاز افضل من المتهمين!. المفارقة غريبة تدل على اقتناع المسئولين الامنيين بضرورة الضغط الغير اخلاقي على المتهمين سواء لنزع الاعترافات او لمعاقبتهم قبل المحاكمة ، بإستغلال سيئ لصلاحية الاحتجاز على ذمة التحقيق.
هذه الطريقة بالتعامل مع المتهمين بعمومهم كانت من اكثر الامور التي جعلتني اشعر بالضيق من الكويت ، جهاز امني لا يفهم ولا يقدر ولا يحترم ادمية ابرياء قبل الادانة .
اتمنى يوما عندما تتحقق الحكومة المنتخبة ان تلتفت الى هذه المأساة الانسانية ، فالتحقيق في ظروف الاحتجاز والسجن في المباحث او المركزي او العمومي او في سجن الابعاد ، او في المخافر هو أمر ضروري وعاجل.
----
نعم حكومة منتخبة بالمستقبل تثير هذه الاوضاع ، فلم يعد هناك اي رجاء بالحكومات السلطوية المتخلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق