دائما كنا نسأل الاسلاميين , ماذا تقدمون , مصلحة الدين ام مصلحة الوطن ؟ , على اساس ان بقعة الدين على الارض اكبر من الوطن , وبالتالي قد يحصل مثل هذا التعارض في موقف ما كما كان الحال في مسألة مصلحة الوطن في جلب قوى تحرير الكويت التي رفضها العديد من الاسلاميين .
والسؤال راودني اليوم , هل من الممكن ان تتعارض الانسانية مع الوطنية ؟ , وماذا لو حدث مثل هذا التعارض ؟.
من وجهة نظري فإن الانسانية هي التي تفوز بالاولوية , على اساس ان قوانين الاوطان من المفترض ان تراعي الانسانية ومبادئها , ولذلك دائما ما تكون الدعوة للمزيد من التصحيح عبر الانفتاح والقبول بمساحة واسعة من التسامح , بالاضافة الى مبادئ انسانية عديدة اهمها تقنين استخدام السلاح والحروب .
أي نعم لم تلتزم الكثير من الدول بهذه المبادئ , وهذه الدول الكبيرة تراعي مصالحها الوطنية على حساب الانسانية , وبإعتقادي بأن مثل هذا الخطأ لايجب تقبله او الاعتراف بوجاهته .
ولكن لنتصور , دولة تبني وتعمل ودولة تفسد وتخرب , فهل على الاولى التنازل عن الحقوق الوطنية لصالح مساعده الاخرى تحت شعار الانسانية ؟.
للإنسانية اولوية , ولكن دون ان يغفل جانب المصلحة الوطنية , على ان يكون هذا الاهتمام بالوطنية محدد بعوامل مقنعة يسود بها العقل والمنطق .
هذا الأمر يختلف عن مسألة اولوية الدين على الوطنية , فالشريعة الاسلامية ليست نقية تماما ولا ربانية وانما تعتمد على فهم بضع بشر لنصوص حسب قدراتهم في تفسير النص لا حسب استفادتهم من التجارب الانسانية السابقة , وبالتالي فإن التشريعات لن تكون بالضرورة متوافقة مع أشد ما يمكن تحقيقه من حرية انسانية تبدأ بالكرامة الانسانية , ولذلك فإن الدين من الناحية السياسية لا يتناسب مع هذه الاسقاطه , اضف الى ذلك ان ان سلمنا بصحة فكرة سيادة الدين فإن المرونه التي تحدثت عنها والتي تتصف فيها الانسانية من خلال النظر بأسباب التنازل عن الانسانية كأولوية لمصلحة الوطن لن تكون متوافرة على اساس ان الشريعة مصدر متماسك - ان افترضنا ذلك , وقد يجيب اخر بأن المرونه موجودة بدليل ما يحصل الان من توافقات وطنية ببعض دول المنطقة بين الاسلاميين والاخرين المختلفين , ومثل وجهة النظر هذه فإن رد يتناسب لها وهو ان كل التجارب الحالية ليس من بينها استلام اسلامي للسلطة وربما الهدف من هذه التوافقات هو انعاش التيار الاسلامي بعد تردي الحال في السنوات الاخيرة الطويلة وتجميده في اكثر بلدان المنطقة , بإستثناء تركيا مع التذكير بأن القيادة الاسلامية هناك مراقبة بشدة من قبل العلمانيين , اما اواخر النماذج الحالية فهناك حماس وقد يكون لها ظرف خاص على اعتبار المقاومة وقلة الحيلة , ولكن هناك ايضا السودان الذي لم يتغير شيئ في موقف رئيسه الاسلامي وخصوصا في ما يتعلق بالانفتاح على الطوائف والاديان الاخرى , الامر الذي سيؤدي قريبا الى تقسيم السودان .
هناك تعليقان (2):
انت غير صاير :)
اول فقره حلوه مشكور عليها
إرسال تعليق