ليس صحيحا الاعتقاد بأن الديمقراطية تؤدي بالضرورة الى تقدم مجتمع ما , فالديمقراطية تعطي الشعب سلطة الحكم وبالتالي حرية اتخاذ القرار , وقد يكون القرار المتخذ سيئ او غير صحيح وبالتالي يتدنى مستوى المعيشة في الدولة , ولذلك فإن الديمقراطية في حقيقتها هي سلطة تسلم للامة التي اما ان تعمل على رفع المستوى المعيشي للناس في كافة الجوانب , او ان الامة ستكون هي المسؤولة عن تردي حال الدولة , بغير الديكتاتوريات التي يسجل للحاكم بها اي انجاز ويحسب عليه مسؤولية تردي احوال الدولة والناس .
والان بمتابعة ما يحدث في مصر على سبيل المثال , نجد ان هناك اقتتال سياسي جار بين الفقراء والاغنياء وفلول الحزب الوطني والاسلاميين والاقباط , وهو ما سيؤثر سلبا على مسيرة الجمهورية المصرية بعد الانحلال من سلطة القمع والفساد البائدة , والان فإن مصير الدولة بيد ناسها المسؤولين بشكل مباشر على مسيرة الدولة وما ان كانت ستحقق نجاحا وتصاعد او انها ستسجل المزيد من التردي والى حال اسوأ مما كانت عليه الدولة في الماضي .
هذا الكلام ينطبق على كل الدول , ولذلك نجد ان مستوى تقدم الدولة يكون عادة مرتبط بمستوى الوعي السياسي لدى الناس الذي يؤدي الى ممارسة ملتزمة للديمقراطية باصولها المتعارف عليها , عملية الاقتراع والحريات ومبادئ الشفافية و الرقابة الشعبية المنظمة للعمل البرلماني , بالاضافة الى فهم الناس لمسألة ضرورة التعايش السلمي وابعاد الخلافات الدينية والطائفية وغيرها عن الممارسة السياسية , لتكون الدولة هي المظلة المحايدة التي يستظل تحتها الناس جميعهم بحرياتهم الدينية والعقائدية وباختلافاتهم العرقية .
مثل هذا الوعي نفتقده هنا في الكويت , فالامة متمسكة بالانقسامات المذهبية والقبلية والعائلية والفئوية ومصرة على استمرار هذا الترابط بين هذه الخلافات والسياسة , بل ان اغلب الاطراف صارت اكثر حماسا للمزيد من الترابط بين الاختلافات والخلافات وبين السياسة , مما ادى الى ضعف في النظام الديمقراطي لتضرر عناصره الاساسية , فعملية الاقتراع لم تعد مبنية على اساس الاختلاف الفكري بالاضافة الى الاساس المهم وهو توافر عنصر النزاهة بالمرشج الا من رحم ربي , والحريات منتهكة والشفافية معدمة , مما انتج عنه ضعف تشريعي ورقابي وغياب المسائلة السياسية وتمرد سلطوي على الانظمة المالية والادارية وغيرها , وعلى املاك الدولة واموالها ومواردها , الامر الذي خلف انعدام للثقة عند الناس وبالتالي اصبحت كل قضية صغيرة هي مشروع ازمة , حتى ان المواطن بات غير واثق باي اجراء حكومي صغير حتى لو كان علاجا طبيا او ابرة !.
إن هذه الفوضى تتطلب من الامة القيام بثورة حقيقية على اوضاع الامة , فالاصلاح السياسي في القاعدة التي تؤدي الى برلمان قوي ويختلف على الافكار لا على المعتقدات الدينية الشخصية او العلاقات الاجتماعية الخاصة او على المصالح التجارية او على المرض الفئوي هو ضرورة بعيدة جدا عن امكانية التطبيق لاصرار الامة على استمرار اسباب الفشل العام من خلال الممارسة الديمقراطية السيئة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق