القصة التي ذكرتها لم تسرد كدليل لعدم اطلاع الكثيرين عليها , فالرأي اعلن في ديوانية ( بشكل محفوف وكنت من الحاضرين ) من قبل احد القيادات السابقة بالتيار الوطني , وهو رأي قد عاكسه موقف نواب المنبر الذين تجردوا للمناقشة دون اي اعتبار للاختلافات السياسية , ولازلت اذكر تركيز النائب وقتها الاستاذ عبدالله النيباري على جزئية وردت بالاستجواب بعد ان بين رأيه بسلامة موقف الصبيح في بقية محاور الاستجواب , وهو ما ادى الى انشقاق في صفوف التيار استمرت اثاره الى اليوم .
والتجرد للفكرة هو ما اعاده شباب نبيها خمسة بمختلف اطيافهم , وتكررت التجربة لاحقا في حملة ارحل وفي تجمع انقاذ وبالموقف من اغلب الاستجوابات الاخيرة التي قدمت لسمو الرئيس , ففاز التوافق على حساب الجمود الحزبي فصفق بعض الشيعة للصانع والطبطبائي وصفق بعض السلف لحسن جوهر والنيباري .
المشكلة الان تتركز في حقيقة لايجب ان نغفلها وهي ان الكيانات السياسية القائمة ( اصغرها الكتل البرلمانية مفرقة واكبرها كتلة المعارضة ) هي كيانات قائمة على اساس التوافق لا على اساس التنظيم الحزبي , وهي عاجزة عن التحول الى النظام الحزبي لاسباب منها التالي :
1- كتلة العمل الوطني مشتتة بين المستقلين التجار والتحالف المائل للطبقة التجارية متأثرة بالتجمع الوطني الديمقراطي ( الليبرالي ) , وبين المنبر الديمقراطي المائل لليسار وللقومية , بل ان الكتلة يشترك بها نائب سلفي , وبالتالي هي كتلة توافق وستبقى عاجزة عن التحول الى حزب منظم ذو اهداف ورؤى واضحة .
2- كتلة العمل الشعبي , وهي كتلة طرحت فكرة التحول الحزبي قبل سنوات وهو ما راهنا على عدم نجاحه , فهي كتلة بلا رؤية ولا اهداف واضحة و بلا معايير تحكمها , فهي تقبل بتجاوز قانون الفرعيات ووقعت في حرج سياسي في اكثر من موقف ( التأبين ) ولم تقدر على الصمود امام رياح الطائفية , وهي كتلة تتخبط بين التدين و الالتزام الاجتماعي والتعاطف مع الدستور ولديها مشكلة بين خريجي النقابات وبين بعض التجار .
3- كتلة الاصلاح والتنمية , وهي كانت عاجزة عن طرح مرشحيها صراحة بإسم حدس بعد المشاكل التي تعرضت لها حدس , فخاضت الانتخابات معتمدة على الثقل القبلي للسيد الحربش بالاضافة الى خريج الفرعيات السيد فواز الصواغ , وتحالفت تحت شعار الكتلة مع من هم من خارج حدس وهما النائبين فيصل المسلم والطبطبائي البعيدين بشكل كبير عن الاهداف العامة لحدس مما يفسر عدم انخراطهما للمشاركة بالحزب وتحت رايته .
فإذا كانت هذه الفوضى عامة في كل القوى السياسي التي تشكل جبهة المعارضة بالاضافة الى المستقلين , فكيف سيكون شكل الجبهة وهل من المعقول ان نعتقد بأن الجبهة ستكون متماسكة امام كل القضايا ؟.
اضف الى ذلك مسألة قبول المعارضة بالخروقات السياسية التي تجرح فضيلتها مما يضعفها بالشارع ومما يؤصل الاختلافات ويرفع من شدتها , فالنزاهة السياسية هي اهم عوامل الثقة والحوار و القبول بالتنازل عن هذا المبدأ يضفي شرعية على الحوار الناقص وهي شرعية ليست مقبولة لدى الكثيرين من الناس , وفي الحقيقة اسأل الاستاذ فيصل , ما المانع من حل مشكلة الاسلاميين مع القضية الطائفية وهي التي حضرت قبل اشهر في البحرين وايام في الكويت بل ولازالت مستمرة ؟ , ولماذا التمسك بالمشبوهين ممن تورطوا بمخالفات قانونية او بمواقف مشبوهة ؟ , وهل المعارضة عاجزة عن التخلي عن الجاسم وولادة بديل نزيه كحضرتكم مع تمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح ؟ .
إن الفضيلة هي اهم اسس الحوار الايجابي , واليوم نحن نشهد العديد من المواعض حول العالم التي تدلل على اهمية الفضيلة كأساس للحوار , فالوزير الياباني استقال بعد ان تلقى هدية لا تذكر وقيمتها لا تتجاوز المائتي دينار , واعرق الصحف البريطانية واقدمها والتي تجاوز عمرها اكثر من المئة عام توقفت عن الصدور بعد فضيحة التجسس التي جرحت بنزاهتها .
إن الفضيلة لا تستحق الا ان تعطى الاولوية كشرط لا يجب التنازل عنه من شروط الحوار - الديمقراطية , وبالتالي لايجب الاستهانة حتى بأصغر الاخطاء وهو ما وقعت به القوى السياسية بالسابق وتستمر به كتلة المعارضة اليوم .
ولأتحدث عن التيار الوطني وأسأل , هل قبل التيار التحالف مع المشبوهين من امثال المدعو نبيل الفضل بحجة التطرف الحزبي ؟ , او قبل التيار التعامل مع المشبوهين الفئويين من امثال الجاهل بحجة رفض الفرعيات ؟ , الم يخرج من بيننا من ينتقد ظهور الملا والنيباري على شاشات احدى قنوات الفتنة والفساد المدعوة سكوب ولازال منا من يؤكد على انها اخطاء ؟, وماذا بالمقابل ؟ من يظهر على قناة الوطن ومن يكتب في جريدة الوطن ومن يتسامح بحجة كسب المؤيدين والقبول بالمشبوهين البارزين وعفا الله عما سلف وكأننا لا نعمل من اجل المحاسبة وانما نعمل لإستتابة الناس بالطريقة القاصرة ؟!.
نعم انا معكم ان لم يكن المضف مستحق للمنصب او ان كان هناك من هو اكثر استحقاقا من المضف , ونعم انا معكم ان كان يستحق المنصب ولكنكم ترون عدم الموائمة السياسية , ونعم انا معكم في محاسبة رئيس الوزراء او ايا من الوزراء بما فيهم الهارون ان كانت هناك اي تقصير , و سأكون معكم في حال لو توجهتم لوضع اسس الانتقال للعمل الحزبي المدني الخال من شبهات التعصبات الدينية والطائفية والقبلية والفئوية والعرقية او المبنية على التفرقة على اساس الجنس .
اما بغير العمل التنظيمي , فتقبلوا حقيقة واقعنا السيئ والمتمثل بالعمل السياسي بالصورة المؤقتة التي تسمى ( التوافقات المؤقتة للفوضويات السياسية ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق