الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

حول استقبال اللاجئين في الكويت.

لم يكن الطفل الغارق واخوه ووالدته ضحايا لاجرام بشار الاسد فقط كما يصور لنا شعب الخليفة الاردوغاني، بل كانوا ضحية لبشار وداعش والنظام التركي. فعبدالله - رب الاسرة- لم يقرر الهجرة الا بعد تجارب سيئة في دمشق وكوباني واسطنبول!.

بدأ عبدالله الكردي رحلته من دمشق لاجئا في كوباني، فترك اسرته هناك وذهب ليعمل في استنبول في مصنع اقمشة، وكان يعمل تحت ظروف غير انسانية ل 12 ساعة يوميا، وكان يبيت في المصنع للتوفير وكان يقفل عليه وزملاءه الباب من الخارج!.

لحقت به اسرته بعد ان هاجمت داعش كوباني في 2014، ووجد عملا اخرا في البناء، فكان يحمل اكياس الاسمنت الثقيلة - 200 كيس في اليوم - 11 ساعة - حسب تقديره، ومع ذلك فإن العائد لم يكن يغطي نفقات الايجار والدواء التي كانت تغطيها له اخته والى مصاريف رحلة الموت.

ساعدته شقيقته الكندية لفترة الى تم رفض طلب لجوءه لكندا، وحاول بعد ذلك الدخول لاوربا برا ولم يفلح ومن ثم وجد نفسه في مركب الموت مع اسرته.

مصدر القصة

ان استذكار تفاصيل القصة يجعل الصورة اوضح امامنا في تقييمنا لحالة اللاجئين، فاسباب المعاناة متعددة، تبدأ عند الاسد والدواعش ولا تقف عند النظام التركي، و قرار الهجرة واللجوء لا يعني انتهاء المعاناة.
في المانيا "طارت السكرة واتت الفكرة!"، فبعد اهازيج النجاح التي اطلقها اللاجئين والمرحبين بهم، و بالرغم من استفادة المانيا الاقتصادية مستقبلا، فإن موجة الهجرة المفاجئة قد فتحت باب التساؤل حول امكانية دمج المهاجرين وتحسين ظروفهم بسرعة كبيرة قبل ان يتحول الامر الى ازمة، فالاسكان و الخدمات والتدريب والتوظيف امور غير معدة لمثل هذه الموجة من اللاجئين.

مصدر التفاصيل

استذكر هذه الحالة بعد الاطلاع على بيان المطالبة باستضافة لاجئين سوريين في الكويت، المطالبة الانسانية الرفيعة التي تقدم بها الاخوات والاخوة وهي محل ثناء و تقدير، ووجود هذه الصفوة بهذه النوايا هو مبعث امل. لكن لايجب ان يسقط من الاعتبار الواقع الذي يدلل على ان انتقال السوريين سيعود عليهم بالسوء باغلب الاحوال، فمجتمعاتنا لازالت تعاني من تأخر في جانب الترحيب بالغرباء، ولا ادل على ذلك سوى ظروف العديد من العمالة الوافدة والتي تشابه ظروف عبدالله الكردي عندما كان في تركيا. وهي بحاجة لنظر وحل بالاضافة لظروف البدون، بل ان مجتمعاتنا تعاني حتى من تقبل المواطن المختلف!.

ان الازمة السورية ستطول كما هو واضح من اخر الاخبار واهمها الاسناد الروسي الاخير، ولذلك فإن فكرة تشييد مخيمات لن تكون مجدية لاناس بحاجة لحلول طويلة المدى منها ما يحتاج حتى لتعديل القوانين تضمن استدامة واستقرار من خلال ضمان حقوق مدنية كاملة في فترة زمنية معينة للاجئين.

الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

مستقبل الشرق الأوسط.. من تاريخ افريقيا.

كل ما مر الزمن كلما تعقدت المشكلة باتساع رقعة المتورطين اكثر فأكثر. من أنظمة الحكم الطويلة وما تقوم به من التركيز بالصرف على شئون أمن النظام لضمان موقعها، الى جماعات التهريب وأمراء الحرب، وعالم رجال الاعمال.
كل هذا مرتبط "بلعنة المصادر الطبيعية بأنواعها".

هكذا كان النظام السائد في الدول الافريقية، بل ووصلت الى حد المتاجرة بالعبيد في زمن ما، وما ان خفت الوطأة عن تلك المجتمعات الا وحققت أرقاما قياسية في النمو الاقتصادي. هذا ما حدث في افريقيا التي تملك الامكانات الكافية لتتسيد العالم لما فيها من خيرات، ولكنها بدلا عن ذلك بقيت تحت خط الفقر لعقود طويلة بسبب النهب المنظم الذي يقوم على الغياب الشعبي بمقابل التنظيم الذي تسير عليه الأطراف المستفيدة والمشار اليها أعلاه.

في افريقيا، هنالك ما يزيد عن العشرين دولة ممن ينطبق عليها وصف "دولة غنية الموارد"، ومع ذلك بقيت شعوبها ولا زال معظمها تحت رحمة حروب الوكالة على يد أمراء الحرب، فأصبح الفكاك عنها امر صعب والأمور باتت غاية في التعقيد وبعيدة عن التأثر بأي هوى شعبي يرغب بالاستقرار والتنمية.

السيناريو نفسه يتكرر في المنطقة، ومع الأسف ينجر الناس وراء الأنظمة المتحررة من الالتزامات التي يفرضها دافعي الضرائب،  او وراء أمراء الحرب الطائفية " الشيطانية المقدسة". الى ان وصل الحال الى التجارة بالعمال بشكل مباشر عبر زعم الحل الإنساني لازمة اللاجئين السوريين وغيرهم في أوربا وغيرها.

ان شعوب المنطقة "باستثناء رعاع أمراء الطوائف" عليهم مراجعة النموذج الأفريقي، من أين بدأت التجربة وكيف تنامت المشكلة والى ما وصل الحال اليه هناك، عل هذا البحث والاطلاع يجنح بالشعوب بعيدا عن المزيد من التردي و الانتكاس.

مصدر:
Bargis, Tom. The looting machine. London 2015

الخميس، 3 سبتمبر 2015

من الكريم مصلحة- المانيا والخليج

من السهل استنكار المواقف البائسة للحكومات العربية تجاه قضية النازحين السوريين. ومن السهل مطالبة هذه الحكومات الصماء بإتخاذ قرار فسح المجال لاستقبال اللاجئين السوريين، ولكن مثل هذه المطالب لا تتوقف هنا، وانما تطرح تساؤلات مهمة حول واقع حقوق الانسان في هذه الدول واستعداد المجتمع للتحول الى التعدية الاثنية - التعددية الثقافية- عوضا عن حالة تسيد العرق او الدين او المذهب، بالاضافة الى نقص المعلومات حول كيفية دمج اللاجئين بالمجتمع على مدى سنوات.

المانيا سمحت للاجئين للانتقال اليها بقرار استثنائي على مستوى اوربا، والحكومة الالمانية تواصل محاولاتها للضغط على باقي اوربا لتسهيل عملية اللجوء تحت عنوان الدافع الانساني. والمانيا تبنت هذه السياسة بناءا على اغلبية 60% تؤيد هذه السياسات.
هذه الاخبار ذات الطابع الانساني المجيد هي مبعث امل، ولكن مثل هذا الموقف لايمكن ان يعزل عن جانب المصلحة الوطنية للالمان.

الالمان في الحقيقة لديهم مشكلة تتمثل بقلة فئة الشباب بمقابل كبار السن، وبالتالي فهي - كوصف شبيغل - تعجز بسرعة مما ينذر بمشكلة ندرة العمالة - خصوصا اليدوية البسيطة. هذه المشكلة دعت رجال اعمال للمطالبة بتسهيل الاجراءات البيروقراطية امام لاجئي دول العالم الثالث.
الا ان فسح المجال بهذه الصورة قد يؤدي الى تكدس اللاجئين فوق خط الحاجة الالمانية، الامر الذي يفسر التركيز الالماني على مسألة انفتاح الاتحاد الاوربي على اللاجئين.

في النموذج الالماني فإن علاج الازمة الانسانية متكيف مع المصلحة الوطنية، هذا بالاضافة الى الخبرة الالمانية في جانب - التعددية الثقافية.

كل هذه العوامل تفتقدها دولنا ومجتمعاتنا، فلا التعددية الثقافية متقبلة عند الحكومات والكثير من الناس، بحيث ان اغلب مواطني بلداننا لازالوا يعانون من وجود الاخر المختلف على اساس الطبقة والعرق والقبيلة والعائلة والطائفة والدين والقومية والجنس واللون.
اضف الى ذلك مسألة غياب الشعور الانساني لدى الكثيرين - اقلها تجاه البدون والعمالة الوافدة والمتهمين كمثال، بل وتصل الى حد التعرض لكرامات المواطنين الذين لا يسندون ظهورهم على واسطة.
ومع غياب الديمقراطية وبالتالي غياب الشفافية، مما يؤدي الى ندرة المعلومات، فإن من الصعب الاطمئنان الى امكانية الحكومات بادارة هذا الملف بطريقة نافعة لا العكس.

غياب هذه العوامل لا يسر ولا يبعث الامل في ان يكون تحول اتجاه اللاجئين للدول العربية به خير لهؤلاء الناس ولهذه الدول التي تقطف نتاج سياسات السوء والرجعية والتخلف فباتت بلا دور مؤثر على الصعيد الانساني الاسلامي العربي.

اتركوا اللاجئين على طريقهم نحو اوربا المساواة والعدالة والانحياز لحقوق الانسان، واتركوا تلك المجتمعات لتستفيد من الطاقات الشبابية و من العقول والخبرات التي هربت من جحيم الحروب المقدسة. وتولوا شأن فوضاكم ومآسيكم!.