الجمعة، 29 أغسطس 2014

زوار الصيف.

تحت سكون اول ساعات الفجر ، و الجمع المنهك مفترق وفي سباته العميق ، والشوارع مفتوحة ، يتحرك زوار الفجر بشكل خاطف ، مستغلين فترة الشلل التي تمر بها الجماعة المستهدفة.

الحال في الكويت شبيه الى حد كبير ، فالسلطات تحركت بشكل مكثف في فترة الصيف مستغلة بذلك حالة الوهن التي يمر بها الحراك بالاضافة الى عامل الجو السيئ.

بدأت السلطة نشاطها من جلسة الحكم على عياد الحربي والمحكومين الاخرين ، ثم قرارات سحب الجناسي من بعض الخصوم وافراد اسرهم، ثم الاعتقالات التي طالت بعض الشباب واخرهم -الفريد- بوعسم.
وبالمقابل لم الاحظ اي تحركات من جهة المعارضة ، اللهم بعض التغريدات المتابعة لموضوع بلاغ الفهد واستدعاءات الشهود والتي اصبحت متعلقة بالبلاغ كتعلق الغريق!، اما من الناحية التنظيمية فلا شئ واضح و آمل ان لا يكون السبات الصيفي حقيقي بل اتمنى ان تكون في داخل الحراك حركة تصحيحية جارية لا علم لي بها!، وهذا ما لا اتوقعه على اي حال.

السلطة حققت الكثير في الفترة الصيفية وهذا ما توقعته في مايو ، ولكن اتمنى بنفس الوقت ان تخرج المعارضة بفائدة معقولة من هذه الاشهر الطويلة!.

الجمعة، 22 أغسطس 2014

الجندي البارع.. في داعش!

هنالك فارق بين ان تتصرف ببراعة من حر نفسك ، او ان تكون ذكي في دقة اتباع الاوامر ، فأي منهما ينطبق على داعش التي يقوم اعضاؤها بممارسات اجرامية غريبة؟!.

قبل عام و نصف تقريبا ، قمت بعمل بحث عن الروبوت و اين من الممكن ان يصل بذكاءه في المستقبل ، ووصلت الى ان هنالك من المهتمين بهذا الشأن من يصف الروبوتات التي انتجت الى الان بأنها ( smart machines ) وليست ( intelligent machines )، وذلك لاعتبار انها لم تستقل بتصرفاتها البارعة بشكل كامل وانما تبقى هذه الاجهزة تابعة للاوامر التي تبرمج على اتبعاها والتقيد بها.. فقط!.

هذا الاستنتاج قاد الى الحديث عن جانب اخر من الروبوتات والذي ظهر ايضا بأفلام الخيال الامريكية وهو الجانب السيئ للاجهزة التي تتصرف ببراعة من حر نفسها وبالتالي قد تخرج عن نطاق الاوامر الى ما قد لا يستطيع الانسان تداركه ، فالسؤال يدور حول ما ان لو ظهرت مثل هذه الاجهزة في المستقبل و استخدمت بالجانب الحربي، فكيف ستتصرف من دون ان يضمن مستخدمها عدم خروجها عن الاخلاق ( التي هي الاوامر ). هل ستفرق في الحروب بين المدنيين والعسكريين ، وهل ستكون طاعتها الدائمة للاوامر مضمونة ؟ فإن كان الجواب بنعم .. فهذا يعني انها لن تكون intelligents وانما مجرد smarts!!.

هذا التوصيف ينطبق الى حد كبير على داعش وبوكو حرام، فهؤلاء - على مستوى الميدانيين - اما ان تكون تصرفاتهم نابعة من الاتباع الصارم للاوامر ، او ان تكون نابعة عن الاقتناع الشخصي بصحة هذه الممارسات، او ان يكون بنائهم قائم على استغلال كل وسائل افساد النفس البشرية ومنها استغلالهم كمنفذي اوامر بارعين ومن ثم تحولهم الى اجهزة ذكية لا تعرف العواطف .

من الواضح ان البداية تكون عند ( تجنيد) الاتباع الصارم في طاعة للاوامر التي تستغل الخلفية السابقة في حياة هؤلاء ، فهذه الاوامر على ما يبدون انها قد صبت باتجاه تعزيز النزعة الشخصية التي زرعت بهؤلاء من قبل محيطهم الاسري والاجتماعي وحتى على مستوى التصرفات الدولية، وهذه النزعة الشخصية تمثلت بالاقتناع الى حد الايمان بأنه كلما زاد كره الحياه و كلما زاد الزهد بها كلما ازدادت اسهم الدخول للجنة ، وبالتالي هم وصلوا الى مرحلة انهم لا يمانعون من تدمير الحياة. "احد هؤلاء كان يتحرك باتجاه احد المجندين الاكراد الذي رماه مرتين ولم يتراجع هذا الداعشي الا بعد ان تلقى الطلقة الثالثة في رأسه وسقط" (spiegel ).

ونوعية هذه الاوامر المتعلقة بزهد الحياة وطرق حشوها بالرؤوس منذ الصغر قد مرت علي وربما على غيري بالمدارس و بدروس المساجد، وكنت ممن يشهدها تزداد تأثيرا على الآتيين من خلفية دينية متشددة اكثر في ذلك الوقت ، وتزداد اكثر عند من يلتزم بدروس ( بعض المساجد ) في ذلك الوقت، ولذلك فإن من غير المناسب حصر عوامل نشأة داعش بالتمويل الدولي فقط او بالخلفية الدينية ذات الطابع المتطرف السائد في ابمنطقة ، بل وهنالك عوامل اخرى منها التجربة الحركية والفكرية للجماعات الاسلامية المسلحة.

مجندوا داعش لم يعودوا بشرا ، فقد نزعت عن قلوبهم الرحمة وعن عقولهم التفكر باخلاقية وبمبادئ اسلامية وانسانية سامية كالعدالة و عدم استرخاص الدماء والحرمات، وبالتالي اضحوا هؤلاء مجرد اجهزة ذكية خالية تماما من ما يميز الكائنات الحية عن الجماد كالاخلاق والرحمة وغيرها من المعاني القيمة.

هؤلاء لا يمثلون الاسلام وانما يمثلون جانب من التدين ، والمشكلة ان هذا الجانب لا يستهان به حيث ان له من التلاميذ ما قد لا نتخيله!. والمشكلة ان المعلمين الاوائل لم يعودوا قادرين على استرجاع هؤلاء الى خانة اتباع ( اوامرهم لا اوامر قادات داعش ).

الدين يستغل بابشع الصور ، وحياة الناس تتحول بشكل مستمر الى جحيم ، فإن سلمنا بأن الاسلام هكذا ، فإننا بذلك نتغافل ( على الاقل ) رحمة "الرحمن الذي علم بالقرآن"!.

الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

شواهد اختطاف الدولة.

عندما تتحفظ الدولة على متهم وهو صقر الحشاش ، ومن ثم تتباطئ في تقديمه لقضاء الدولة نفسها ، فيدفع المتهم ثمن هذا التباطئ بالاحتجاز لاربعين يوما. فتكون هذه الحالة نموذج يساعد على شرح معنى اختطاف الدولة.

الدولة ( اجهزة الدولة ) تتباطئ في تقديم معارض للقضاء ، والقضاء كحالات سابقة لايحاسب الدولة على مثل هذه التصرفات.

والدولة ( اجهزة الدولة ) لا تحاسب الموالين اطلاقا ، ويكون الحفظ هو سقف ما يصل اليه الاصلاح في محاسبة الفساد.

بالمحصلة ، الدولة تحاسب طرف وتتجنى بخلط العقوبات بالتهم ، فسحب الجنسية لمن يعبر عن رأيه ، والاحتجاز لاطول مدة ممكنة بالتعطيل المتعمد لا بظروف القضية, وبنفس الوقت تتجاوز عن مسائلة الاخرين ممن يصطفون في صف الاشخاص المسئولين مهما قالو ومهما سرقوا.

هذه شواهد اختطاف الدولة برعاية الاسرة ومباركتها.

الاثنين، 18 أغسطس 2014

شافي ونبيل

لم اتابع الا القليل عن المدعو شافي العجمي او حامد العلي ، ولست اهوى متابعة دعاوى وتحذيرات ونصائح وتهويلات بعض المشايخ كالمدعو نبيل العوضي.

ولكن رأيي بهؤلاء الاشخاص لا قيمة له امام حقوقهم المدنية، فإن كنا ندعي الدعوة للمدنية ، فإننا لايجب ان نتغافل الاساس في ان هؤلاء مواطنون لهم مالنا وعليهم ما علينا، وبالتالي فإن كنا لا نقبل لأنفسنا ان تطبق علينا قوانين سيئة كسحب الجنسية كعقوبة لإبداء رأي لا يجرمه القانون، او كعقوبة مغلظة مباشرة بصلاحية مجلس الوزراء عوضا عن تطبيق العقوبة التي يقررها القانون و تكون الادانة من خلال القضاء، فإن كنا لا نقبل بمثل هذه الممارسات ان تقع علينا بداع المدنية والنظامية ، فعلينا ان نرفض انزال هذه الظلمات على الاخرين.

والامر ينطبق ايضا على المدعو شافي العجمي، حيث تواردت انباء عن ان العجمي احيل الى امن الدولة ، وبحسب احد المحامين، فإن العجمي لم يصل الى الساعة، وربما يكون العجمي قد اختطف من قبل الامنيين.

هذه الممارسات مرفوضة مبدئيا ، وما ان يتحصل هؤلاء وغيرهم من المتهمين على حقوقهم الاساسية، فبعد ذلك قد نبدأ بتقييم ارائهم وتعبيراتهم وجرائمهم - إن وجدت. فلا يجب ان نغفل او ننسى بأننا ان سلمنا بان المدنية لا تقدم حلا لمشكلتي الكراهية والتطرف، فذلك يعني اقرار بعجزها عن حل المشكلات، وبالتالي تكون هذه المدنية بلا قيمة و بذل الجهد لاجلها ليس سوى عبث.

الأربعاء، 6 أغسطس 2014

داعش و فشل الربيع العربي.

لم ترمي اي امة عربية بثقلها في حركة الربيع العربي و نجحت ، باستثناء تونس ( المعرضة هي الاخرى للتخريب ) والمغرب (التي قامت ببعض الاصلاحات السياسية )، اما غيرها من الدول فقد تحققت بها نبوءة مبارك ( اما التراجع عن اسقاط الحكم او الفوضى).

هذه النتيجة الدموية ( التي بدأت في العراق بعد اسقاط صدام ) تدعو لاعادة تقييم حركة الشعوب في المنطقة بالسنوات الاخيرة ، فالشباب حصروا تفكيرهم في سبل انجاح حركة اسقاط الانظمة والحكومات ، وتجاهلوا اهمية التفكير في البديل المناسب و كيفية ادارته لمرحلة ما بعد سقوط الانظمة وسياساته الاقتصادية لمحاربة الفقر والبطالة وكيفية اصلاح الانظمة الادارية وملاحقة الفساد بدلا من تركها فارغة لصراع الايديولوجيات.

المشكلة ان قصر النظر هذا امتد حتى الى تقييم الاحداث التي وقعت في غزة ، فادعاءات نصر المقاومة تملئ مواقع التواصل الاجتماعي على اساس ان المقاومة لم تعلن عن استسلامها ، في حين ان اهداف اسرائيل كانت اكبر ومتعلقة بالوضع الاقتصادي الفلسطيني وهي التي لم تبقي على مشروع تنموي واحد في غزة، هذا بالاضافة الى حجم الدمار الاجتماعي والنفسي والذي سيستمر مع الفلسطينيين لسنوات طويلة من دون ان يتحقق مطلب رفع الحصار او السماح لهم بفتح ميناء وانشاء مطار او اعلان دولة مستقلة!.

بعد التجارب الطويلة التي مرت بها المنطقة لم نتعلم ، ولا ادري الى متى ستبقى الشعوب عاجزة عن تبني مشروع وطني شامل وعن دعم الكفاءات ، و عن استيعاب المخاطر الخارجية التي ( اتمنى ان تستمر تونس كنموذج على مقاومتها ).

الان نحن نتحول الى نسخة افريقية بامتياز ، فما تفعله داعش واشباهها لا يختلف عما كان يحدث في سيراليون وغيرها ، ولذلك فإن من المهم تتبع مسار الاحداث في افريقيا ليسهل علينا تقييم الحالة الغريبة التي تمر على المنطقة ، هذا بالاضافة الى وجوب البحث عن مصادر السلاح لنستطيع ان نحدد عمق المشكلة لنتعرف على حقيقتها وحقيقة الدول التي تتاجر بالاسلحة!.

فشل الربيع لا يعني انتهاء كل شئ ، وكما يقول اصدقاؤنا الايجابيون ان الفشل من الممكن ان يكون هو الخطوة الاولى في طريق النجاح، لكن الامر يحتاج لاعادة تقييم لاستخلاص العبر وللتوقف عن الوقوع بذات الاخطاء.