الخميس، 24 ديسمبر 2015

انخفاض اسعار النفط.. وسطحية المجتمع.

بالرغم من المتغيرات المتعلقة بمستقبل سوق النفط، ينشغل الناس بحادثة وفاة السيد نبيل الفضل، وتلهو الحكومة بلعب كرة القدم.

لا أعرف السيد نبيل الفضل جيدا، فلم اكن من قراء جريدة الوطن ولا من متابعي ظهوره الاعلامي على قنوات الفساد، لم ارى له الا اليسير مما كان يصلني من مقالات او مقابلات من بعض الاصدقاء ممن يقومون باعادة ارسال كل شي - غريب- بغض النظر عن قيمة محتواه. انتقل السيد نبيل الى رحمة الله تعالى وانقسم الناس مابين الترحم وذكر المحاسن وبين استرجاع المواقف السيئة. ولا ادري لم يكون مثل هذا الانشغال بالوقت الذي يكون به ذكر المحاسن او استرجاع المواقف السيئة اختيار شخصي لكل فرد ..والسلام!.

وعلى المستوى الاعلامي الرسمي بموضوع آخر، فكانت التهيئة لاحتفالية افتتاح استاد جابر بعد 12 عاما من بدء العمل فيه!، وطبعا الهاشتاغ الحكومي الشهير نبي نلعب.

القصة الاولى تعكس الاهواء الشعبية وحجم الاهتمامات، اما قصة الافتتاح، فتعكس تفاهة الحكومة وسذاجة الكثيرين، فالحكومة "نجحت" في تحويل احتفال باتمام مشروع بعد سنوات طويلة من الفساد والتعثر والكثير من التكاليف والترقيع، الى رمزية لحب الوطن والتعبير عن الرغبة بالفرح، تحت شعار نبي نلعب. بعد 33 عاما من الوصول لكاس العالم، تعلن الحكومة بأننا "نبي نلعب"!.

الاهتمامات الشعبية، والاهتمامات الحكومية تعكسان السطحية السائدة في مجتمعنا الصغير، بالوقت الذي تنخفض فيه اسعار النفط، وتعلن حكومات العالم الصناعي المتقدم عن عزمها التعجيل في عملية التحول للطاقة النظيفة والابقاء على البترول في مكانه تحت الارض، يكون المجتمع بحكومته منشغلين، هل يجوز الترحم على السيد نبيل ام لا، و هل سيعود المنتخب للعب ام لا.

لم يعد للجدية مكان الا عند من رحم ربي مما بقي من الاصوات العاقلة.

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

حول التحالف الاسلامي - السني.

كنت قد تحدثت بالبوست السابق تحديدا الموقف السني متمثلا بالسعودية وتركيا على وجه الخصوص, وتأثيره على احداث المنطقة وكيف ان هذا الموقف السني مهدد بالانعزال بسبب سياسات هاتين الدولتين بالاضافة الى الدول الاخرى.

بالامس, ظهر ما يسمى التحالف الاسلامي (سني من دون العراق وايران) بهدف القضاء على الارهاب, في خطوة تعكس الى حد كبير ما قد يتحقق مما صرح به جون كيري كحل لمشكلة داعش بسوريا من خلال اشراك الدول المسلمة بالعمليات العسكرية, بالاضافة الى عدة خبراء منهم على سبيل المثال مدير المخابرات الاميريكي السابق الذي نصح بأن تشارك القوات العربية بالعمليات العسكرية ضد داعش, لاعتبارات عده منها ان مشاركة اي قوات غربية قد تؤدي بعد اتمام العملية الى سيناريو شبيه لما حدث للامريكان بعد اسقاط نظام صدام حسين (رابط). 

الا ان هذا التحالف الاسلامي من المرجح انه سيغرق في وحل الازمة السورية في حال لو شارك بقوات برية بشكل رسمي في سوريا, فبقاء الاسد مقبول عند - الفرنسيين مثلا والذين طرحوا فكرة اشراك الاسد في نشاطات مواجهة داعش, اضف الى ذلك المصالح الروسية في سوريا واولويتها بالنسبة لهم, مع الاعتبار طبعا الى ارتباط الدول الغربية - اقتصاديا مع روسيا. أي ان هذه القوات الاسلامية ستدخل النزاع من دون استقلالية عن ذوي المصالح الاقتصادية والمتحكمين بالذخيرة والسلاح, وبالتالي فإن ما سيحدث لن يكون سوى تطور وعلى نطاق اوسع للحرب العراقية الايرانية التي من المفترض ان تكون قد انتهت!, ولذلك فإن من المفترض ان لا يقتصر التحالف على الدول الاسلامية وانما من المفترض ان تضمن مشاركة الدول الغربية في اي عمليات عسكرية دون ترك المسلمين السنة وحدهم في الميدان. اما الاميركان تحديدا, فهم لن يقوموا بأي مبادرة فردية من دون الاوربيين, ولن يكرروا التفرد الامريكي البريطاني في العراق, وما اثبت ذلك ازمة القرم التي ابقت الاميركان وحيدين في تشددهم ضد الروس, حيث لم يوافق الاوربيين سوى على اقامة حصار اقتصادي محدود على الروس, الامر الذي التزمت به امريكا, وعلى كل حال, فإن تبدل الموقف تجاه ايران بالسرعة التي رأيناها لخير دليل على ان المصالح وتبدلها يجب ان توضع باعتبار هذا التحالف.  

مسألة داعش لا يمكن حصرها بالواقع السوري, فداعش متواجدة في عدة مناطق وبشكل مكثف في ليبيا ونيجيريا, الامر الذي يدعو للتفكر في حجم المشكلة الحقيقي لا الشكلي والمتمثل باعلان الدولة في العراق والشام. 

الدول - الاسلامية - من المفترض ايضا ان تعترف بحجمها الحقيقي من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية, فأزمة الطائرة الروسية التي اسقطتها تركيا وما تلاه من تبعات اقتصادية لخير دليل على ان قدرات الدول النامية لها حدود.


* كاركاتور لهآرتس اليوم بعد مغازلة اردوغان لاسرائيل(رابط).

الا ان ما تعلمه الدولتان, ان الاستحقاقات اكبر من اعتقاداهم بقدرتهم على استقطاب المعسكر الغربي, فالسعودية مطالبة باصلاحات داخلية وتفكيك للخطاب المتشدد, وهذا الاستحقاق مكلف بالنسبة لال سعود على اعتبار ان الخطر قد يهددهم في حال لو قاموا بفك ارتباطهم التاريخي بالتشدد الوهابي. اما الاتراك, فلديهم مشكلة مع مستحق التضييق على داعش, على اعتبار ان الدواعش ومؤيديهم والمستفيدين منهم يملأون تركيا الامر الذي يهدد الداخل التركي.

المشكلة اكبر من التحالف الاسلامي السني, والمسألة تتطلب اصلاحات داخلية جذرية في عموم هذه الدول ليس فقط في تركيا والسعودية, حتى تكون قابلة ومرشحة لمواجهة تيار داعش في المنطقة, ولا يبقى الامل سوى بأن تتنازل هذه الاطراف لصالح دعم تأسيس دولة للاكراد تكون النواة العلمانية للاستقرار, وهذا الامر غير قابل للتحقيق في ظل تعنت الاتراك والعرب. 

السبت، 28 نوفمبر 2015

الارهاب .. والتقوقع السني.

لازال خبراء الارهاب يتوقعون الاسوأ مما حدث في باريس على مستوى اوربا, ولذلك فإن التعامل مع مسألة الارهاب وتجفيف منابعه ستزداد جديته في حال لو قامت داعش بالمزيد من الاعمال ضد اوربا.

الى الان فإن التحرك لازال بطئ سواءا بالنسبة للوضع في سوريا او في داخل اوربا, ولكن هذا لا يعني ان مواجهة الامر ستستمر على ذات الوتيرة, فأعداد الارهابيين المحتملين في اوربا تقدر بالالاف, واغلبهم يعود بجذوره للتطرف السني في العالم الاسلامي وتحديدا لفترات ملاحقة الاسلاميين, كملاحقة سلف الجزائر في التسعينيات وهروب الكثير منهم الى اوربا وبالاخص فرنسا.

من هنا اعود الى مسألة سوريا بالنسبة لدعوات الاشتراك والتنسيق مع روسيا في قصف داعش, وكيف ان مثل هذا التنسيق وبل على مستوى قد يتسع ليشمل النظام السوري وايران, فإن التحرك بهذا الاتجاه من الطبيعي ان يؤدي الى المزيد من التضييق على الحكومات السنية واولهم السعودية وتركيا, فالسعودية في موقع الشبهة من جانب رعاية الارهاب وتصديره وربما الاستمرار بدعمه, او التشدد الوهابي على الاقل, اما تركيا فلديها مشكلة كبيرة في جانب رعاية الدواعش من خلال شراء النفط او من خلال فتح المعابر لهم.

هذا ما ينعكس ايضا من الموقف الغربي المتحرج من تأكيد الدعم للحليف التركي في ازمة اسقاط الطائرتين الروسيتين, وهو ما يفسر التصريحين المتناقضين لاردوغان في اقل من 24 ساعة, فهو من صرح بلطافة بأن الموقف كان سيختلف لو انهم كانوا يعلمون بأن الطائرتين تابعتان للسلاح الروسي, وهو من حاول الاتصال ببوتين الذي رفض تلقي المكالمة لأنه لم يكن متأملا اي اعتذار تركي. هذا الخطاب الموجه اساسا للاوربيين الذين يعملون على التنسيق مع روسيا تحت شعار محاربة داعش, وطبعا لقاء هولاند ببوتين لايمكن تجاهل ما ورد به من تفاهمات تقرأ على انها من تداعيات حادثة اسقاط الطائرتين.

التصريح الثاني لاردوغان بأن "روسيا تلعب بالنار" يأتي في سياق الاستهلاك المحلي, فاردوغان لازال مصرا على لقاء بوتين الذي لازال يتجاهل اردوغان.

ان استمرار ذات السياسات للتيار السني - سواءا تركيا او السعودية - سيؤدي الى تقهقر وتقوقع وانعزال كالذي يدعو اليه كيسنجر الذي دعى في احد اخر لقاءاته - مع شبيغل الالمانية - الى التنسيق مع الروس وترتيب اوراق ازمة اوكرانيا معهم من اجل مواجهة الارهاب الاسلامي- السني.

وبالنظر الى واقع الدول السنية فهي غير قادرة على النهوض وبعيدة كل البعد عن الاستقلال, فتركيا وتناميها الاقتصادي لازال يعتمد على الخارج - منه روسيا!, اما السعودية فمصدرها الوحيد هو النفط , اما الاوضاع العسكرية للدولتين فهي تقدر بلا شئ بالمقارنة مع امكانيات الدول الاخرى.

مثل هذه العزلة قد تؤدي الى تنامي الدور الايراني في المنطقة, بالتزامن مع حالة الانفتاح الاقتصادي امام الشركات الغربية المتعطشة.

المشكلة الاكبر تتمثل بعجز اردوغان الاكيد عن مواجهة داعش ووقف الدعم لها, فالدواعش يملأون تركيا ومن الصعب مواجهتهم ان كان اردوغان سيقوم بمحاولة لتصحيح الاوضاع.

في الحقيقة فإن هذا البوست لايأتي في سياق الفزعة للاسلام السياسي السني, وانما يأتي للتعبير عن خشيتي من نظام ديني هو اسوأ بكثير من بقية الانظمة الدينية القائمة في المنطقة, وقد يتمكن هذا النظام من تحقيق طموحاته في المنطقة بسبب التصرفات الحمقاء لبعض الحكام على مستوى الشرق الاوسط, او ربما هي اشارة الى ان الامور انفلتت وانتهت .. لا قدر الله!.

الأحد، 11 أكتوبر 2015

ايران و تمرد الاسد.

بحسب تحقيق اجرته صحيفة شبيغل الالمانية, فإن الاوضاع في سوريا متجهة نحو المزيد من التشعب في عمق المعسكر السوري الايراني, بعد استعانة الاسد بالقوات الروسية. فقد باتت بوادر انتهاء صلاحية الاسد لدى الايرانيين بادية اكثر.

لايران مشروعها في سوريا, شيعنة الدولة وتأسيس دولة تابعة "او محافظة" بقيادة حزب الله انطلاقا من المناطق التي يسير عليها الحزب على طول الحدود مع لبنان, وبالتالي قد تنتفي الحاجة من الاسد بأي وقت, الامر الذي دعى الاسد للاحتماء بحلفاءه المخلصين - الروس خصوصا مع تفكك قواته. وتحولها الى ميليشيا. 

المشروع الايراني اصبح منفر حتى للعلويين, و ماهو واضح من التقرير, فإن الحرب الاهلية اصبحت قائمة مابين الحركات المعارضة المسلحة, بالاضافة الى الجهاديين السنة من جانب, والمستوطنين الذي اتى بهم الحرس الثوري الايراني و حزب الله من الجانب الاخر, مع غياب كان واردا للاسد والعلويين لولا التدخل الروسي لصالح الاسد. 

فكاك سوريا من الحرس الثوري و حزب الله والاسلاميين وبقية المليشيا لن يحدث من دون الاسد, الامر الذي اعاد الى ذهني احاديث العام الماضي والمتعلقة بإعادة الاسد الى الحظيرة الدولية من خلال اشراكه في مفاوضات, تلك الاراء التي توقفت امالها بعد وفاة الملك عبدالله والتغيير الجذري في السياسات الذي بدأ في السعودية بعد استلام الملك سلمان. 

اضف الى ذلك ان التمدد الايراني في سوريا لن يكون من الممكن مواجهته من دون اشراك لا الاسد والروس فقط وانما الاكراد وحل مشاكلهم في المنطقة وخصوصا مع النظام التركي. 

ان الحديث عن تمدد النظام الايراني هو حديث عن تمدد نظام ديني توسعي متشدد لديه من الامكانات التي لم يمتلكها اي نظام ديني اخر في المنطقة, ولذلك فإن المسألة لا علاقة لها بالطائفية بقدر ماهي متعلقة بمسائل المدنية والحريات وحقوق الانسان, اما الاسد, ففك الروس عنه لن يكون بالامر الصعب. 

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

حول استقبال اللاجئين في الكويت.

لم يكن الطفل الغارق واخوه ووالدته ضحايا لاجرام بشار الاسد فقط كما يصور لنا شعب الخليفة الاردوغاني، بل كانوا ضحية لبشار وداعش والنظام التركي. فعبدالله - رب الاسرة- لم يقرر الهجرة الا بعد تجارب سيئة في دمشق وكوباني واسطنبول!.

بدأ عبدالله الكردي رحلته من دمشق لاجئا في كوباني، فترك اسرته هناك وذهب ليعمل في استنبول في مصنع اقمشة، وكان يعمل تحت ظروف غير انسانية ل 12 ساعة يوميا، وكان يبيت في المصنع للتوفير وكان يقفل عليه وزملاءه الباب من الخارج!.

لحقت به اسرته بعد ان هاجمت داعش كوباني في 2014، ووجد عملا اخرا في البناء، فكان يحمل اكياس الاسمنت الثقيلة - 200 كيس في اليوم - 11 ساعة - حسب تقديره، ومع ذلك فإن العائد لم يكن يغطي نفقات الايجار والدواء التي كانت تغطيها له اخته والى مصاريف رحلة الموت.

ساعدته شقيقته الكندية لفترة الى تم رفض طلب لجوءه لكندا، وحاول بعد ذلك الدخول لاوربا برا ولم يفلح ومن ثم وجد نفسه في مركب الموت مع اسرته.

مصدر القصة

ان استذكار تفاصيل القصة يجعل الصورة اوضح امامنا في تقييمنا لحالة اللاجئين، فاسباب المعاناة متعددة، تبدأ عند الاسد والدواعش ولا تقف عند النظام التركي، و قرار الهجرة واللجوء لا يعني انتهاء المعاناة.
في المانيا "طارت السكرة واتت الفكرة!"، فبعد اهازيج النجاح التي اطلقها اللاجئين والمرحبين بهم، و بالرغم من استفادة المانيا الاقتصادية مستقبلا، فإن موجة الهجرة المفاجئة قد فتحت باب التساؤل حول امكانية دمج المهاجرين وتحسين ظروفهم بسرعة كبيرة قبل ان يتحول الامر الى ازمة، فالاسكان و الخدمات والتدريب والتوظيف امور غير معدة لمثل هذه الموجة من اللاجئين.

مصدر التفاصيل

استذكر هذه الحالة بعد الاطلاع على بيان المطالبة باستضافة لاجئين سوريين في الكويت، المطالبة الانسانية الرفيعة التي تقدم بها الاخوات والاخوة وهي محل ثناء و تقدير، ووجود هذه الصفوة بهذه النوايا هو مبعث امل. لكن لايجب ان يسقط من الاعتبار الواقع الذي يدلل على ان انتقال السوريين سيعود عليهم بالسوء باغلب الاحوال، فمجتمعاتنا لازالت تعاني من تأخر في جانب الترحيب بالغرباء، ولا ادل على ذلك سوى ظروف العديد من العمالة الوافدة والتي تشابه ظروف عبدالله الكردي عندما كان في تركيا. وهي بحاجة لنظر وحل بالاضافة لظروف البدون، بل ان مجتمعاتنا تعاني حتى من تقبل المواطن المختلف!.

ان الازمة السورية ستطول كما هو واضح من اخر الاخبار واهمها الاسناد الروسي الاخير، ولذلك فإن فكرة تشييد مخيمات لن تكون مجدية لاناس بحاجة لحلول طويلة المدى منها ما يحتاج حتى لتعديل القوانين تضمن استدامة واستقرار من خلال ضمان حقوق مدنية كاملة في فترة زمنية معينة للاجئين.

الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

مستقبل الشرق الأوسط.. من تاريخ افريقيا.

كل ما مر الزمن كلما تعقدت المشكلة باتساع رقعة المتورطين اكثر فأكثر. من أنظمة الحكم الطويلة وما تقوم به من التركيز بالصرف على شئون أمن النظام لضمان موقعها، الى جماعات التهريب وأمراء الحرب، وعالم رجال الاعمال.
كل هذا مرتبط "بلعنة المصادر الطبيعية بأنواعها".

هكذا كان النظام السائد في الدول الافريقية، بل ووصلت الى حد المتاجرة بالعبيد في زمن ما، وما ان خفت الوطأة عن تلك المجتمعات الا وحققت أرقاما قياسية في النمو الاقتصادي. هذا ما حدث في افريقيا التي تملك الامكانات الكافية لتتسيد العالم لما فيها من خيرات، ولكنها بدلا عن ذلك بقيت تحت خط الفقر لعقود طويلة بسبب النهب المنظم الذي يقوم على الغياب الشعبي بمقابل التنظيم الذي تسير عليه الأطراف المستفيدة والمشار اليها أعلاه.

في افريقيا، هنالك ما يزيد عن العشرين دولة ممن ينطبق عليها وصف "دولة غنية الموارد"، ومع ذلك بقيت شعوبها ولا زال معظمها تحت رحمة حروب الوكالة على يد أمراء الحرب، فأصبح الفكاك عنها امر صعب والأمور باتت غاية في التعقيد وبعيدة عن التأثر بأي هوى شعبي يرغب بالاستقرار والتنمية.

السيناريو نفسه يتكرر في المنطقة، ومع الأسف ينجر الناس وراء الأنظمة المتحررة من الالتزامات التي يفرضها دافعي الضرائب،  او وراء أمراء الحرب الطائفية " الشيطانية المقدسة". الى ان وصل الحال الى التجارة بالعمال بشكل مباشر عبر زعم الحل الإنساني لازمة اللاجئين السوريين وغيرهم في أوربا وغيرها.

ان شعوب المنطقة "باستثناء رعاع أمراء الطوائف" عليهم مراجعة النموذج الأفريقي، من أين بدأت التجربة وكيف تنامت المشكلة والى ما وصل الحال اليه هناك، عل هذا البحث والاطلاع يجنح بالشعوب بعيدا عن المزيد من التردي و الانتكاس.

مصدر:
Bargis, Tom. The looting machine. London 2015

الخميس، 3 سبتمبر 2015

من الكريم مصلحة- المانيا والخليج

من السهل استنكار المواقف البائسة للحكومات العربية تجاه قضية النازحين السوريين. ومن السهل مطالبة هذه الحكومات الصماء بإتخاذ قرار فسح المجال لاستقبال اللاجئين السوريين، ولكن مثل هذه المطالب لا تتوقف هنا، وانما تطرح تساؤلات مهمة حول واقع حقوق الانسان في هذه الدول واستعداد المجتمع للتحول الى التعدية الاثنية - التعددية الثقافية- عوضا عن حالة تسيد العرق او الدين او المذهب، بالاضافة الى نقص المعلومات حول كيفية دمج اللاجئين بالمجتمع على مدى سنوات.

المانيا سمحت للاجئين للانتقال اليها بقرار استثنائي على مستوى اوربا، والحكومة الالمانية تواصل محاولاتها للضغط على باقي اوربا لتسهيل عملية اللجوء تحت عنوان الدافع الانساني. والمانيا تبنت هذه السياسة بناءا على اغلبية 60% تؤيد هذه السياسات.
هذه الاخبار ذات الطابع الانساني المجيد هي مبعث امل، ولكن مثل هذا الموقف لايمكن ان يعزل عن جانب المصلحة الوطنية للالمان.

الالمان في الحقيقة لديهم مشكلة تتمثل بقلة فئة الشباب بمقابل كبار السن، وبالتالي فهي - كوصف شبيغل - تعجز بسرعة مما ينذر بمشكلة ندرة العمالة - خصوصا اليدوية البسيطة. هذه المشكلة دعت رجال اعمال للمطالبة بتسهيل الاجراءات البيروقراطية امام لاجئي دول العالم الثالث.
الا ان فسح المجال بهذه الصورة قد يؤدي الى تكدس اللاجئين فوق خط الحاجة الالمانية، الامر الذي يفسر التركيز الالماني على مسألة انفتاح الاتحاد الاوربي على اللاجئين.

في النموذج الالماني فإن علاج الازمة الانسانية متكيف مع المصلحة الوطنية، هذا بالاضافة الى الخبرة الالمانية في جانب - التعددية الثقافية.

كل هذه العوامل تفتقدها دولنا ومجتمعاتنا، فلا التعددية الثقافية متقبلة عند الحكومات والكثير من الناس، بحيث ان اغلب مواطني بلداننا لازالوا يعانون من وجود الاخر المختلف على اساس الطبقة والعرق والقبيلة والعائلة والطائفة والدين والقومية والجنس واللون.
اضف الى ذلك مسألة غياب الشعور الانساني لدى الكثيرين - اقلها تجاه البدون والعمالة الوافدة والمتهمين كمثال، بل وتصل الى حد التعرض لكرامات المواطنين الذين لا يسندون ظهورهم على واسطة.
ومع غياب الديمقراطية وبالتالي غياب الشفافية، مما يؤدي الى ندرة المعلومات، فإن من الصعب الاطمئنان الى امكانية الحكومات بادارة هذا الملف بطريقة نافعة لا العكس.

غياب هذه العوامل لا يسر ولا يبعث الامل في ان يكون تحول اتجاه اللاجئين للدول العربية به خير لهؤلاء الناس ولهذه الدول التي تقطف نتاج سياسات السوء والرجعية والتخلف فباتت بلا دور مؤثر على الصعيد الانساني الاسلامي العربي.

اتركوا اللاجئين على طريقهم نحو اوربا المساواة والعدالة والانحياز لحقوق الانسان، واتركوا تلك المجتمعات لتستفيد من الطاقات الشبابية و من العقول والخبرات التي هربت من جحيم الحروب المقدسة. وتولوا شأن فوضاكم ومآسيكم!.

الاثنين، 17 أغسطس 2015

الاسلام السياسي..خلية العبدلي.

فهم العقلية التوسعية للنظام الايراني لا تحتاج لتحريضات امثال الداعشي د. عبدالله النفيسي ضد الشيعة والوحدة الوطنية, وانما نظرة بالدستور الايراني تكفي للاستدلال على ان الطموحات التوسعية غير مستبعدة عن ايران من خلال حرس الثورة. الرابط

كل جماعات الحاكمية لله لايمكن ان تقبل بأنظمة غير قائمة على هذا المبدأ, وان اظهرت قبولا فسيكون قبول مرحلي تفرضه الظروف واوقات الضعف والعجز عن التأثير والتحكم. هكذا فقط تتقبل جماعات الاسلام السياسي السنية والشيعية الاخرين المختلفين.

الفارق في مسألة النظام الايراني ان النظام استطاع بسط سيطرته على الدولة والمجتمع, وقد خدمته ظروف الحرب مع العراق بالتخلص من الخصوم في الداخل, ولابد من استذكار ايضا المصالح الدولية التي خدمت بقاء النظام, والان هو كغيره من ارهابيي الاسلام السياسي لا يوجه قوته سوى لمناطق الضعف المحيطة وتجاه المسالمين العزل.

الان كل جماعة من هذه الجماعات لا تتحرك سوى بإتجاه نقاط الضعف المحيطة, و بالتالي فإن في كل مناطق الازمات يكون الطرف الاضعف هو اكبر المتضريين, ولا اضعف من الفقراء العزل في المنطقة.

"فتونة" كل نظام على الضعفاء من الشعب, أو "فتونة" جماعات الاسلام السياسي على البسطاء والضعفاء العزل في المنطقة, وهكذا يكون السلام هو المحارب من قبل عصابات الجنون الديني.


السبت، 15 أغسطس 2015

التدين - من ذاكرة الطفولة.

عندما كنت في عمر السابعة او الثامنة, كنت اتردد على مسجد الحي لأداة الصلوات, بالاضافة الى اشغال الوقت بالدروس الدينية بين صلاتي العصر والمغرب. كانت هذه احدى وسائل قضاء الوقت في تلك الايام, الى ان انتبه والدي لمسألة كان يدركها اكثر مني وهي مسألة "تقصير الثوب!".
في ذلك الوقت, لم يكن تعبيري عن رغبتي بأن يكون ثوب العيد قصيرا قائما على قناعة معينة, وانما اردت تقليد حضور المسجد لا اكثر, وما ان عبرت عن هذه الرغبة الا وشعرت بغضب والدي وتحذره من هذا المسجد. 

لا زلت اتذكر كيف كانت في تلك السن المبكرة النظرة المقدسة للدين والتدين, وكان من المستحيل التشكك بكل ماله علاقة بالدين والتدين. واستمرت هذه الحالة لبضع سنوات حتى بدأت بالتملل من خطاب العاطفة والخوف والبكاء وما الى ذلك من اساليب الترهيب!. 
في البداية, شعرت بالاستغراب من موقف والدي من مسجد الحي او من طلبي بأن يكون ثوبي اقصر, ولكن اصبح الان كل شئ واضح, فاستغلال تلك البراءة المنفتحة للدين والتدين بات مكشوفا بحوادث الارهاب بهذا الزمن. في تلك الفترة, لم تكن هنالك فرصة للتفكير بعقل ولا للنقد او البحث المتحرر من الانحياز للدين, وهذا الامر استمر بوضوحه بعد تلك التجربة الصغيرة من خلال كتب التدين واطروحاتهم واساليبهم في النقاش, فكل شيئ سواهم هو خطأ بالضرورة. اما المدارس الحكومية, فقد أكمل مهمة الغسيل الديني للادمغة, فلا اتذكر يوما بأن اي معلم قام بطرح سؤال تشكيكي يثير التفكير ويكسر حاجز الترهيب الديني - او الارهاب!.

هذا الانجرار وراء التدين والتقليد من المرشح لأن يصل الى حالة الانتحار بإسم التدين والدين, بجهل واضح لطبيعة الحياة والتنوع والاختلافات فيها والتي لن تنفصل يوما عنها, الأمر الذي يطرح تساؤلا حول الاوقات التي قضاها المغرر بهم من الجهلة في بعض المساجد او المدارس الدينية المذهبية. 

هكذا تخلق بذرة الارهاب, و من هنا يبدأ التحفيز والتجنيد.

امام هذا الواقع الذي اثبتته طبيعة غالبية المشاركين بعمليات الانتحار على طريقة التدين, فلا نجد من الجهات الرسمية اي تحرك جاد تجاه مواجهة هذا الغلو, بل كل ما نراه بعض التصريحات النارية مع بعض الاغاني الوطنية العاطفية والسلام, لن نجد من ينقذ الشباب المنفتح ببراءة وصفاء نحو الدين من استغلال تلك العصابات الارهابية ورعاتها الدوليين. 

بهذا الاسلوب بالمواجهة فإن الارهاب لن ينتهي, قد يخسر او يتراجع ميدانيا ولكنه لن يموت وسيبقى خيار مستقبلي لجماعات الانتحار الديني السنة منهم والشيعة. 

الاثنين، 27 يوليو 2015

الاتفاق النووي والاستقلال الايراني.

لا يوجد شيئ يدعو للشعور بالانفراج على اثر الاتفاق المتعلق بالنووي الايراني, فالنظام في ايران لن يكون افضل من الانظمة الدينية الاخرى وتحديدا تلك التي زهت اقتصاديا في زمن ما ثم اصبحت تسير على طريق المجهول بسبب سوء الادارة وعدم الاستغلال الامثل للحقبة الزمنية العريضة للنفط والمال.

قامت تلك الانظمة منذ البداية على تأمين مصالح الغرب واستمرت من دون ان تتحول بذكاء لصالح التطوير في الداخل, ومارست دور الغني المبذر الذي لا يعي ما لديه من قدرة لتحويل المجتمع المرتبط بالنفط الى مجتمع قادر على الاستمرار بنفس وتيرة الرفاهية من دون الاتكال على النفط واسعاره المهددة. هذا التبذير قد جعل هذه الانظمة تصدر المال بالاضافة الى النفط!. 

هذه العملية قد وقعت بها ايران سنوات الحرب مع العراق, فكان الطرفين يتنافسان في شراء السلاح بالمال وحرقه في حرب لا معنى ولا قيمة لها, سقط على اثرها احد الطرفين الى الحد الذي نراه الان في العراق, واستطاع الاخر ان يصمد كنظام ديكتاتوري ديني قد دفع بشباب الثورة الحقيقيين والذين كانوا من الممكن ان يشكلوا خطرا عليه الى محرقة الجبهة العراقية - بحسب اول رئيس للجمهورية الايرانية ابو الحسن بني صدر (الرابط الجزء الاول من احدى مقابلاته). 

هكذا بقي النظام الايراني الذي استمر بتوظيف قدراته في خدمة مشروع بقاءه واحلام نفوذه وتوسعه ( المحدود بعين رضا المعسكر الشرقي), فإيران لن تصل الى حد منافسة روسيا والصين, وهي لا تمثل سوى مصالح هذه الكتلة بالمنطقة, بالاضافة الى مصالح المعسكر الغربي المستفيد من وجود البعبع الديني الايراني في المنطقة. 

تصدير الاموال من المنطقة سيستمر وسيتزايد بعد الاتفاق النووي و رفع الحصار, والمنطقة ستغرق بمحاولات كسب رضا الدول العظمى من قبل طرفي المعادلة في المنطقة, فتحسين احوال المجتمع الايراني والاهتمام بالنماء الداخلي الجدي سيكون محدودا لانه قد يعطي مسألة تحول ايران الى دولة مستقلة جدية اكبر بحيث تتحول ايران الى دولة اكثر استقلالا اقتصاديا وعسكريا , وهو الامر المرفوض عند الدول العظمى, والاتفاق النووي ليس سوى بديلا لفشل تجربة اثارة الطلبة في داخل ايران ( قبل الربيع العربي), ففي الحالتين - نجاح تلك التظاهرات او عبور الاتفاق النووي- فإن السوق الايرانية ستنفتح امام العظماء العطشى, مع ضمان تقييد السلطات الايرانية وعزلها عن امكانية الممانعة كما يستخلص من مقالة جون كيري الذي يبين فيها كيف ان الاتفاق سيطيل امد وصول ايران لانتاج القنبلة النووية, وربما تثير المقالة عند القارئ تساؤلا عن الخسائر المادية التي ستتكبدها ايران بتنفيذها لشروط الاتفاق والتكاليف التي دفعتها في هذه التكنلوجيا بالسنوات الماضية- الرابط.

ايران السنوات القادمة كالسعودية في السنوات الماضية, لن تستغل الموارد بشكل رشيد ولن تستقل ولن تحرر فلسطين!, وانما ستستمر بالدفع في مشروعات فاشلة لن يقدر لها الاكتمال, تماما كحال العسكرة على الضفة الغربية من الخليج! و ستعمل ايضا على اشغال المنطقة وضمان استمرار التوتر الذي بلغ حد الذبح على طريقة كل من داعش والنصرة وحزب الله ونظام الاسد. هكذا قدر للمنطقة وشعوبها, من افغانستان الى ليبيا, نسخة اخرى اكثر بشاعة من النسخة الافريقية. والمنطقة لن يكون لها مخرج حقيقي سوى الاصلاح في الداخل والسلام والتعاون على مستوى المنطقة ثم الانفتاح على شعوب العالم, وكل هذه العوامل بعيدة جدا عن كل الانظمة الدينية الديكتاتورية في المنطقة. 

الأربعاء، 22 يوليو 2015

بريطانيا والتطرف الداعشي

ماجد نواز, بريطاني مسلم من اصول باكستانية, جهادي متطرف سابق (إنضم الى حزب التحرير في مصر) ثم سجن هناك لأربع سنوات. ثم تحول الى احد اهم مناهضي التطرف الاسلامي في بريطانيا, وألف كتابا بهذا الشأن ويقود خزان تفكير مختص بمسألة التطرف الاسلامي. وهو الان عضو في الحزب الليبرالي الديمقراطي في بريطانيا وترشح بالانتخابات الاخيرة. 

رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون استعان بالسيد نواز في صياغة خطابه الاخير المتعلق بمكافحة التطرف الاسلامي في بريطانيا, وكان الخطاب مختلف عما سبقه من عموميات بالحديث كما نلاحظ بأغلب الخطابات المتعلقة بهذا الشأن حول العالم, و جدية الرغبة بالتحرك لمواجهة التطرف في بريطانيا بعد موجه توجه بعض الشباب المسلم للجهاد في سوريا. 

الخطاب توجه مباشرة الى مسألة فشل الاندماج " ارتباط بعض المسلمين البريطانيين الضعيف بالمجتمع البريطاني" - الرابط, الامر الذي قد يفتح المجال للبحث في احد اهم مسببات الجنوح الى التطرف من قبل شباب بريطاني مسلم. 

كنت قد تعرضت الى ماله علاقة بمسألة فشل الاندماج ودور السجون ودوائر الاصدقاء - الرابط في تغذية التطرف. 

ردة الفعل هذه موزونة وتستحق النظر بها ومتابعتها بشكل جدي بعيدا عن ردود الافعال الاعلامية المؤقتة كالتي شهدناها في الكويت ومنطقة الخليج, الامر الذي ينبئ بإصلاح حقيقي لخلل اجتماعي كان يتنامى في الظل في بريطانيا. في حين اننا بمجتمعاتنا نترك الامور تسير على غير هدى دون ادنى شعور بالمسئولية.  

اتمنى ان تصل جدية السيد كاميرون الى مبتغاها على مستوى بريطانيا, وايضا على مستوى العالم لنتحول عما هو اشد ظلمة وبشاعة ودموية. 

الأحد، 19 يوليو 2015

الحرب على الفساد في نيجيريا.

في بحثه عن وزراء لتشكيل حكومه جديدة، اكتشف فريق الرئيس النجيري بأن 33 مرشح للمناصب الوزارية من اصل 36 قد سقطوا بتحقيقات الفساد والكشف عن الذمة المالية!. هذه الاجراءات تأتي من ضمن سلسلة من التحركات لتعقب الفساد حتى الى خارج نيجيريا، هذا ما وعد به الرئيس الذي وضع محاربة الفساد على رأس اولوياته وكما يتلخص في وصفه للفساد بأنه الوحش الاكبر.
والى الان الارقام في بعض الفضائح وصلت للبلايين، حتى ان الرئيس رفض تسوية مع وزيرة نفط سابقة عرضت ارجاع ربع مليار دولار بشرط ان تتوقف نيجيريا عن ملاحقتها، الامر الذي رفضه الرئيس الجديد بخاري.

الرئيس يتجه اليوم للولايات المتحده لطلب معاونته في مجال ملاحقة الفساد كخطوة عملية اخرى لتحقيق اولى خطوات التغيير الضرورية.

اما عندنا فالفساد لازال هو المتحكم لدرجة الاستهزاء بالاصلاح الى الحد الذي شهدناه بالسنوات الاخيرة.

القصة تحكي كيف ان الفساد من الممكن ان ينخر الى هذا الحد، والى هذه الارقام الخيالية من الاموال.

السبت، 18 يوليو 2015

ملائكة العريفي وصلاوات السيد حسن.

بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من الجنوب اللبناني في العام 2000, دعي والدي لحفل اقامه حزب الله بمناسبة النصر المزعوم. لبى والدي الدعوة احتفاءا بنصر تيار - الممانعة كما يطلق عليه الان - الا انه لم يبقى طويلا في الحفل, فلقد لاحظ ان كل القيادات البارزة للمقاومة المزعومة كانت حاضرة, فطلب المغادرة مع مرافقه على اعتبار ان التجمع بهذه الصورة لن يكون مؤمنا من الصواريخ الاسرائيلية.

هذا ان ارادت اسرائيل بالفعل القضاء على حالتي حزب الله وحماس وهذه النوعية من المقاومة ذات البعد الديني الطائفي, فوالدي كان واهما حيث ان ببقاء مثل هذه الجماعات والتي تطورت الى حالة داعش في سوريا والعراق, فإن اسرائيل تضمن استمرار حالة اللا استقرار في المنطقة, وبالتالي تعطل السير في ركب التطور والنمو والمنافسة والتأثير على مستوى دولي اكبر والتحول الى الجدية. هذه الحالة ليست مستجدة, فقيام سايكس-بيكو كان على ذات الاساس, انشغال مجتمعات المنطقة بصراعاتها الداخلية لقرن كامل, والان تتطور الاحوال بإتجاه الفوضى والخراب لضمان قرن اخر من الدمار. 

اسرائيل لم تكن لتقضي على وجود حزب الله وحماس, كما ان الغرب لن يقضي على داعش في المنطقة بشكل عام لا بسوريا والعراق فقط, و حسن النصرالله لن يكون في يوم من الايام بحال افضل من حال شريف مكة, ولن يحقق طموحا اكبر مما حققته الوحدة السعودية في الجزيرة, وبالتالي فإن الحجم الحقيقي له اصغر بكثير من شعارات العزة للاسلام والمسلمين, وِأقل من تصل الى حد التأمل بتحرير فلسطين. 

هذه الاوهام مع الاسف ضربت باطنابها بالمنطقة, فوالدي اليساري الذي لم يكن يعترف بأي علاقة دينية في السياسة قد ذهب مهنئا لنصر الجماعة السياسية الاسلامية, وقس على ذلك ما كان سائدا في المنطقة من قصر نظر يتمثل بالتعاطف مع هذه الجماعات المخادعة والتي تتحصل على السلاح كهبة من الدول التي تتحرك وفق مصالحها. 

وعلى الجانب الاخر تجد ذات الخديعة, فاردوغان يصرح بتبعية داعش للنظام السوري, من دون ان يعطي تفسيرا واضحا في رده على الاتهامات الغربية له بتقديم الدعم اللوجستي لداعش, عوضا عن حالة الالتزام الداعشي التامة بالامن التركي سواءا بالداخل او على طول خط الحدود التركية مع داعش. وحالة السلام ذاتها تنطبق على خطوط التماس بين داعش والنظام السوري, مما يدلل على ان هذه الاطراف تعتقد بأنها قادرة على التعامل بذكاء مع القنبلة الموقوتة التي تسمى داعش. في حين ان هذه الحركة من الممكن ان تغير اتجاهها بمرونه وسهولة ضد دمى المنطقة طبقا لمصالح رعاتها الكبار.

اما التسويق والخطاب فهما أقرب الى التطابق, فداعش ترى تحرير فلسطين من خلال احكام السيطرة والتوسع في المناطق العربية قبل المواجهة, وكذلك يرى حزب الله, واردوغان سيتحدث عن كل شئ الا عن القاعدة الاسرائيلية في تركيا, اما النصرالله, فسيتحدث عن كل شيئ هو الاخر بإستثناء المصالح الشرقية في المنطقة والمصلحة من دعمها لايران وسياساتها, وعلى ما يبدو فان العقل الشرق اوسطي من ايران الى المغرب متقارب جدا ولديه القابلية لتلقي ذات الرسالة مع الاعتبار للاختلاف الطائفي فيها وليست لديه مشكلة مع هكذا مواقف وتصريحات. 

المنطقة وصلت الى نقطة اللا عودة عن الدمار والبشاعة, قطع الرؤوس والقاء البراميل المتفجرة, وحروب قائمة على وضاعة المتحكمين لم اكن لاتخيلها يوما. 

بالنسبة لي لم يعد هنالك امل جدي, حتى الوهم لم يعد له نفع, فلا صلوات السيد حسن اعانته على الابقاء بفوهات مدافعه تجاه جبهته الجنوبية التي ازعجونا بها لسنوات, ولا تقوى العريفي قد اعانت ملائكته على تحقيق النصر!. 

الاثنين، 6 يوليو 2015

انعدام التنمية - و الذهول المصطنع.

وهل اتى أمين عام المجلس الاعلى للتخطيط بجديد؟ الرابط 

اضحكتني موجة الذهول من واقعنا في ما يتعلق بوهم التنمية, فانعدام خطة التنمية امر كان واضحا ولا يحتاج لخبراء لقراءته, حتى موجة الذهول العامة فهي مصطنعة بالغالب ومحاولة للتبرؤ من فشل السنوات الثمان الماضية, فنحن نضحك على انفسنا بهذه الموجة لا اكثر. 

التنمية لا تتحقق بتصريحات يطلقها مسؤولين فاسدين او فاشلين وصلوا عبر الية الاختيار المتخلفة, احسنهم قد يستند على عمل جمعية نفع عام تطوعية محدودة النشاط. هذا الفشل في جانب التنمية قد تعكسه مشكلة البطالة المقنعة على سبيل المثال, طريقة حل المشكلة والبديل في علاجها والذي يقلل من اثارها الاجتماعية في حال الحل, والقدرات والخبرات التي يفتقدها العاطلين لسنوات في الوزارات. هذه المشكلة - المثال - لا يمكن ان تتحقق اي تنمية من دون معالجتها, فالمؤسسات تصرف دون مردود, وهذه المشكلة بقيت عالقة وبعيدة عن وهم التنمية التي القاه المخادعين وسوقه المتمصلحين بوسائل الاعلام والناشطين والسياسيين. 

لايمكن ان تتحقق التنمية بوجود هيكل اداري مهترئ متضخم بالبطالة المقنعة, ولا يمكن ان تتحقق التنمية بسياسات بالغة التخلف في التكليف والاختيار الحالية على مستويات القيادات وحتى التوظيف , وبالتالي التعليم وتطبيق القانون والصحة والخ, ولا يمكن ان تكون هناك تنمية بوجود الفساد وتفشيه بل وتسيده, ولا يمكن ان تتحقق التنمية من دون خطط تفصيلية واضحة تعرض للمتابعة. 

هذا ما يفسر حالة جنون النهب والاستحواذ, فالكويت كالاب الذي يصرف على ابنه ببذخ ودون مسئولية او اعداد للمستقبل, فالنفط يباع و مداخيله اما تسرق او توزع وتستنزف بالغلاء المبالغ فيه بسبب الاحتكار, ومن ثم وتذهب للخارج اما للحسابات الشخصية او كمقابل للمنتجات الاستهلاكية المبالغ فيها. 

هذه الحالة لايمكن ان تبقي على (مشروع دولة نامية مستقلة), ولا يمكن ان يتحقق معها استدامة الرفاه الذي اعتدناه. 

لم يعد لي سوى نشر روابط سلسلة لماذا انحرف قطار التنمية التي نشرتها مدونة الحلم الجميل لمدة عام من 2007, والتي تتعرض لامور مهمة جدا في ما يتعلق بالتنمية من ناحية توفير الارضية المناسبة لاقامة مشروع تنموي محترم!: 

لماذا انحرف قطار التنمية؟:

الباب الاول: مظاهر الفشل التنموي 


الباب الثاني: في مفهوم المواطنة 

الباب الثالث : تحرير الاقتصاد 


الباب الرابع : الاحزاب:


الباب الخامس: في إصلاح المسار الدستوري: 


الباب السادس: الفراغات التشريعية وتحصين مبادئ الدستور - (يفترض هذا البوست ان يكون من ضمن الباب الاول )


الباب السابع : تحرير الاراضي والمشكلة الاقتصادية 


الباب الثامن : مابين الكفاءة والولاء - (بظني لم يستكمل هذا الباب مع الاسف)
 

الجمعة، 3 يوليو 2015

لن أصلي في مسجد شيعة!.

ماذا لو مس الارهاب كنيسة في الكويت؟. هل سيصلي المسلمين مع المسيحيين فيها او في مسجد؟.

مشكلتنا ليست بالدرجة الاولى في جانب تكفير او الاعتراف بإسلام المواطنين الشيعة، فهذا الامر موضوعه مختلف، بل الاساس في ان الارهاب قد استهدف جماعة مختلفة - سواءا كان الاختلاف طائفي او ديني، ولذلك فإن القضية لا تدعو لمشاركة السنة للشيعة في صلاتهم، بل في احترام حقوقهم وخصوصيتهم الدينية و الاقرار بها كحق انساني ووطني اصيل.

شخصيا لن اصلي في مسجد للمواطنين الشيعة الكرام، وانما سأكون مستعدا للمشاركة بحماية مسجدهم وصلاتهم وخصوصيتهم متى ما توفرت لي الفرصة لذلك. 

الثلاثاء، 30 يونيو 2015

مسببات الإرهاب .. والخداع!

من المؤسف حقا مراهنة بعض الناشطين من ذوي الميل للاسلام السياسي على المخادعة و تشتيت انظار الناس عن الاسباب الحقيقية للارهاب الاسلامي، فالتركيز على الجانب السياسي كممارسة السلطات للقمع والظلم الاجتماعي فقط دون التعرض لمسألة تاريخ الاسلام السياسي في المنطقة ورعايته المستمرة للكراهية والغاء وتبرير القتل، فبذلك تشويه متعمد للحقائق في محاولة يائسة لتنزيه المتورط الاول في الارهاب العاصف بالمنطقة.

حركات التحرر السياسي المسلح في العالم كانت دائما تركز بأهدافها على الاضرار بمصالح السلطة من خلال توجيه الضربات للمنشآت الحكومية العسكرية والمدنية او وسائل المواصلات العامة، هذا ماحصل في ايرلندا واسبانيا وفي غيرها من الدول حيث التاريخ السياسي حافل بمثل هذه العمليات. حتى الحروب الاهلية التي نشبت بين الكاثوليك والبروتستانت في القرن الماضي كانت تعود لخلافات سياسية لا تكفيرية كالتي تعاني منها المنطقة.

ما يحصل في منطقتنا هو نزاع قائم على افكار دينية اسلامية متطرفة، ترعرعت وتوسعت على امتداد الوجود الاسلامي على خارطة العالم بفعل جماعات التأسلم وتحالفاتهم السابقة مع الحكومات الدينية والعشائرية في المنطقة، ولا يمكن بأي حال من الاحوال الفصل بين هذا التطرف المعشش في عقول الكثير من الشباب المتأسلم وبين الارهاب العاصف بالمنطقة.

داعش وليدة التأسلم وليست وليدة الجيش الجمهوري الايرلندي او منظمة ايتا الباسكية ، وليست وليدة ثورة 25 يناير المصرية ولا اي ثورة سياسية وطنية اخرى. ولا يدلل على ذلك اكثر من موقف الجيش السوري الحر منها.

الأحد، 28 يونيو 2015

الشوارع الخلفية - للجهاد.

من الخطأ حصر اسباب نشوء ظاهرة الانتحار الجهادي بالمناهج او بالحالة السياسية والقمع او بالمؤامرات والاكتفاء بهذه البساطة في التوصيف, فتنوع المشاركين يثبت ان المسألة مركبة ومتشعبة. المناهج وطبيعة المجتمع والقمع والحالة الاقتصادية والفشل الشخصي والاسرة كلها مجتمعة تؤدي الى هذه الحالة اليائسة. اتحدث هنا عن المجندين والمجندات لا القيادات في داعش.
البحث في هذه الحالات وتنوعهم الثقافي وتعدد مشاربهم قد يضئ جوانب مهمة قد نغفلها مما يؤدي الى ظاهرة الارهاب الرخيص, من نواحي اسيا الى اوربا وامريكا, وافريقيا وطبعا الشرق الاوسط.

في انجلترا قبل عام, فكرت بالبحث عن سكن في منطقة معينة, تحدثت بذلك مع صديق بريطاني مسلم من اصول اسيوية, ابدى اعجابه بالمنطقة ولكنه اشار الى ان سكان المنطقة لديهم النزعة العصبية ضد من هم غير البيض.
صديقي قد يكون محقا وينعكس ذلك بظاهرة حركة EDL المتصاعدة ضد المساجد والمهاجرين, وربما تكون هذه وساوس غير حقيقية, المهم بالامر ان - التجربة - تعكس الشعور بعدم الانتماء التام للمجتمع الاوربي, بالرغم من ولادته هناك وحصوله واهله على الجنسية وكافه الحقوق الانسانية والمدنية. ومثل هذا وان لم يكن عاما على كل المهاجرين, الا ان نسبة من الشباب يستشعرها من تعامل بعض افراد المجتمع هناك, ربما على مستوى المدرسة و ما يحصل بين الطلبة من تمييز, او على مستوى الاحياء اوالشوارع الخلفية!.

هذا الامر ينطبق على الكثير من حالات التمييز الاجتماعي لفئات ربما تتأثر بالافعال السيئة للمجتمع, علاوة على ذلك التمييز الرسمي الذي قد يحصل من قبل الدولة - كحالة البدون في الكويت - او كحالة المواطنين الشيعة في الثمانينيات, وقبلها بسنوات قليلة حملة التمييز ضد ابناء القبائل والتي فشلت الى حد كبير, وانعكاسات هذه الممارسات اداريا اقتصاديا و اجتماعيا على حياة هؤلاء الافراد.

أضف الى حالات العزلة هذه حالة الشعور بالذنب والضيق من الحال, حالة التوبة هذه تتضح من خلال المسلمون الجدد في داعش, فتجد بعضهم ممن لم يمضي على اسلامه سوى اشهر الا ويلتحق بداعش في سوريا, كفرصة جديدة بعد الفشل بسبب سوء الاخلاق والمخدرات والسجون, ونصفهم ما ان يرى الحال هناك الا ويعود الى رشده ويعاود الاتصال بأهله ويحاول ايجاد مخرج للعودة عن هذا الطريق.

كل هذه الحالات المنعزلة عن المجتمع بشكل ما تجد لنفسها مخرج وحيد لعالم مختلف وعد به التشدد, الجنة وربيعها وأقصر طرقها الجهاد بالنفس!, اي الانتحار بطريقة شرعية - بنظر المشايخ الذين برروا العمليات الانتحارية ضد مدنيين واعطوها زورا شرعيتها الدينية.

هذه العزلة تعززت بالافكار الدينية التي رعاها الفكر الديني في المساجد او المدارس, ومنها المدارس الاسلامية في اوربا, وهي بالمناسبة قد بدأ النقاش بأمر رقابتها في بريطانيا من قبل حكومة كامرون بالفترة الاخيرة بالاضافة الى الانترنت.

كل هذه التفاصيل لن تعالج بالخطاب العاطفي او الحملات الدعائية المؤقتة, وانما تحتاج للنظر الى الفرد والعمل على تبديد مخاوفه والفوز بثقته بكل من ( النظام والمجتمع المدنيين ). بالاضافة الى الحاجة للنظر الى مسألة شيوع الفكر الديني المتشدد والطاغي على الحالة الاسلامية.

كما ان حالة الانتحار بحد ذاتها يجب ان تدرس من ناحية كونها نتاج لعدة تعقيدات لا على انها سوء فعل يقضي الى النار وانتهى, بل يجب ان يتم التعامل مع الانسان بتجاربه الشخصية بحذر قبل الوصول الى هذه المرحلة.

على الهامش: الحديث عن الحالة البريطانية كمثال على الواقع في اوربا, في المانيا كانوا قد توقعوا مثل هذه العزلة, فبعد ان ازدادت الهجرات التركية, رفضت الحكومة هناك في تلك الاثناء طلب الحكومة التركية بممارسة الرقابة والرعاية للمراكز الاسلامية في المانيا وحصرتها الحكومة الالمانية بنفسها على اساس سياستها بدمج المهاجرين بالمجتمع, الا ان المهاجرين في تلك الاثناء عبر رجال الدين نحوا الى العزلة مما ادى الى استسلام الالمان للرغبة التركية, والتي كان لها الاثر في احكام السيطرة والتوجيه على مزاج الاتراك الالمان الانتخابي. 

الجمعة، 26 يونيو 2015

داعش والكويت - حادثة مسجد الصادق (1)

رحم الله شهداء الصلاة وشافى الجرحى واعاننا على تطورات وسائل الارهاب.
حزنت ولم افاجأ بعد ان وعيت عصر اليوم على خبر العمل الارهابي الذي استهدف مسجد الامام الصادق في منطقة الصوابر, فالفكر الداعشي واساليبه التنفيذية, وفرص التحرك الواسعة و المتاحة امامه كلها واضحة. ولذلك اعتقد بأنني قادر على التعليق دون شعور بالعجالة كما قد يظن بعض الفاجعين.

الخلل الامني الواضح للعيان في وضح النهار بالشوارع يدلل على ان اسلوب الادارة الامني متخلف جدا, الامر الذي قد يستشف منه حالة سعة مساحة التحرك امام الدواعش, و على ما يبدو بأن الدواعش قد اختاروا هدفهم بعملية تعتبر بسيطة بالنظر الى قدراتهم, وبالتالي لم تكن العملية سوى لهدف دعائي ولا يصل الى حد الاستهداف المباشر للكويت او السعودية - بحالة العراق وسوريا وسيناء وغيرها -بهذا التوقيت.

الجماعة لازالت مشغولة بتثبيت نفسها كدولة غير مقيدة بأي التزامات دولية, فهي لا تولي اي اعتبار لمسألة الاعتراف الدولي بها وانما هي تهدف الى خلق امر واقع جديد في المنطقة بشكل خاص وفي مناطق العالم الثالث بشكل عام. فتقسيم هذه المناطق يواجه تحولا تجاه بسط سيطرة الجماعات القوية هلامية الشكل تقوم على نظام سياسي مختلف بنظام اداري ومالي مختلفين واعلام وعسكرة بطرق مختلفة جميعها لا تعترف بالانظمة السائدة دوليا, ففي السابق كل القوى التي وصلت للحكم قد تحولت الى الانظمة السائدة ولو شكليا و كانت تتحرج من الرأي العام الدولي وتراعي حاجتها للعلاقات مع الدول الاخرى, اما داعش فهي مختلفة في هذه المرة, حيث انها تضمن العلاقات الضرورية مع القوى المتحكمة وتسلط اهتمامها المرحلي باحكام السيطرة على مناطقها والتوسع تجاه اضعف النقاط في محيطها, ولسنا ببعيدين عن هذا الاتجاه!. 

مثل هذه الجماعات لا يمكن لها التحرك من دون غطاء وتمويل وحماية, و على ذلك يكون فهم السكوت الدولي عن الواقع اللوجستي الفعلي لداعش خصوصا على وعبر الاراضي التركية المعروف عنها الاختلاف بين خطابها الاعلامي ذوالصبغة الاسلامية العاطفية وبين طريقة تعاملها الفعلية مع الغرب بشكل عام واسرائيل بشكل خاص. وهذا السكوت الدولي يدلل على ان داعش قد قرر لها الرعاية وبالتالي النماء على مستوى الشرق الاوسط وافريقيا وربما اسيا بالمستقبل القريب. 
هذا ما يجب ان تعيه سلطات دول المنطقة, وعليها ان تتعامل مع واقع داعش على انها اختراق لعلاقة هذه الانظمة بالغرب خصوصا من الناحية الامنية, ولابد ان تتقبل هذه السلطات الى حاجتها للبديل الحقيقي عن منظومة المجتمع الدولي الا وهو الشعب من خلال اعادة صياغة الانظمة بكاملها من ناحية الادارة والاقتصاد والامن والامور الاجتماعية الاخرى.

الموضوع لا يتعلق فقط بملاحقة الخطاب الطائفي, وانما يحتاج لمراجعة شاملة لكل الاسباب التي تؤدي الى التجنيد السهل للصغار سواءا عبر الانترنت او عبر دوائر الاصدقاء التي تتغذى من مراكز الكراهية الرسمية وغير الرسمية, بالاضافة الى مراجعة النظام الامني بكامله, فتأمين حياة الناس ضرورة سواءا كان ذلك لمواجهة ارهابي مجند او مريض نفسي على سبيل المثال. 

نشر سيارات الشرطة لن يكون مفيدا ان كان الشرطة المكلفون مشغولون باجهزتهم الذكية, وجهاز امن الدولة من المفترض ان يكثف اعماله تجاه الخطر الحقيقي بدلا من الانشغال بتتبع المعارضين!.

الحادثة تحتاج لقراءة في تفاصيلها سواءا من ناحية تعامل الامن او الطوارئ او الاعلام, ولذلك حين. 

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

لكم عظيم الإمتنان.

بعد ان تم إطلاق سراحي قبل عامين ونصف العام, وجدت نفسي عاجزا عن تقديم الشكر لكل من ساندني, فهيبة التأييد والتعاطف كانت اكبر من قدرتي البسيطة على التعبير, ممن اعرفهم وممن لا اعرفهم, ممن كان يؤيد رأيي وممن كان يخالفه.
 مرت الايام و بقيت عاجزا ثم وجدت ان الانتظار ليوم الحكم سيعطيني فسحة كافية لتقديم رسالة شكر, ولكن بقي الأمر على صعوبته و ذكر الموقف العظيم للناس كل بإسمه كان ولازال اكبر بكثير مني. فعذرا على التقصير الذي لامفر منه بالرغم من مرور كل هذه المدة.

أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لهيئة المحكمة الموقرة على إحقاق الحق, كما اتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان للأستاذ بسام العسعوسي وأسرة مكتبه المحترمين على جهدهم الجهيد في إظهار برائتي من تهم أمن دولة.

كما اتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان للأخوات والأخوة المدونين والمغردين الموقرين المتضامنين في بيان التضامن, وأخص بالذكر الناشطة الدكتورة حنان الهاجري المحترمة على دعمها الكبير لموقفي في القضية في تلك الاثناء, ولكل من تعاطف سرا او علانية من الناس, وأتقدم بجزيل الشكر لكل من بادر في تقديم اشكال الدعم في لجنة رصد الانتهاكات, و المحامين المتطوعين, و من الناشطين, ومن الحركات السياسية التي استنكرت التعسف, و من النواب السابقين.

ومما لا شك فيه, كان دعم ومؤازرة الاخوين الفاضلين الاستاذ انور الفكر والاستاذ خالد الديين اللذان كانا خير معين على تحمل ظروف الاحتجاز السيئة, بالاضافة الى بعض ممن تعاملت معهم من الموظفين الذين راعوا حقوقي الانسانية كمتهم.

كما إنني استحضر الدعم المعنوي المستمر واللا محدود من والدتي العزيزة وأم ديما الحبيبة , واخوتي وأفراد عائلتي واصدقائي الأعزاء.

شكرا جزيلا, و لكن ستبقى الفرحة ناقصة بوجود سجناء الرأي. 

الأحد، 14 يونيو 2015

صرخة في اذن الحراك.

لم اكن من الجازمين بتحقيق الحراك لاهدافه، بل كانت الامور تميل الى عدم تحقق النجاح من خلال حملة مؤقتة غاضبة لم تستوعب جذور المشكلة وتشعباتها، الامر الذي ادى الى حالة التيه والتشتت التي اصابت الحراك.

مشكلة الكويت ليست تافهة كما يعتقد البعض، وليست بسيطة الحل كما ظن البعض، وانما هي مشكلة جادة على اعتبار عدم ارتباط مستقبل الكويت بأي بدائل لدخل النفط، الذي ان هوت اسعاره فسينتهي كل شيئ، ووجود الدول لا يعني بالضرورة استمرارها على ذات الحال، هذا ايضا يفسر تحرك الشباب قبل ان تسوء الامور اكثر ويفقد المجتمع امكانية السيطرة على المشكلة. 

ان جذور مشكلة الكويت تعود الى منهجية افساد استمرت لعشرات السنوات، طالت الامن و التعليم والاعلام والسلوك والأخلاق والذمة، فنتج عنها الخلل الذي تأصل حتى بالمشروع البديل وهو الحراك السياسي، بحركاته السياسية ونخبه والمؤثرين فيه، فإنهار كل شئ كان مبنيا على الاساس الخاطئ.

كان ولازال من الخطأ ان تقوم الحركات السياسية على اسس غير علمية، كان ولازال من الخطأ التسليم بأشخاص قد تورطوا اما بالتعصبات باشكالها او الفساد، كان ولا زال من الخطأ الاعتماد على نواب لم يفعلوا شيئا من اجل الحريات او من اجل المشاركة السياسية طوال حياتهم البرلمانية.

كان من الخطأ اطلاق شعارات الوعود المبنية على الغضب الدعائي ودون اساس قائم على قراءة واقع القوى في الشارع والمزاج السائد والعقلية السائدة. كان من الخطأ مجاملة الممارسات الخاطئة للناس مما ادى الى تفشيها.

كان من الخطأ ان يعمل ويتحدث اعضاء البرلمانات السابقة بشكل مرسل بلا دراسة ولا ارقام. كما كان من الخطأ الاعتماد على "زعامات" بدلا من العمل الجمعي، وكان من الخطأ استمرار الحراك بلا مراجعة وتقييم دوريين بعد كل مرحلة.

الامة وقعت بالفخ، فإخفاء المعلومات ادى الى تبني سياسات خاطئة، و رعاية التعصبات أصلت الشقاق وازمة الثقة بين المواطنين، و الحملات الاعلامية اخافت السياسيين الذين كانوا يتحرجون في الكثير من المواقف.

إن ازمة الكويت اكبر من ان تحل بهذا الاسلوب، فالتعصب لا يتسق مع المدنية وظروفها التي تفرضها كالتعددية الثقافية والدينية، و حرية التعبير لا تجتزأ، اما العدالة فلا تقبل بفصل الذمة والنزاهة عن العمل العام.
كما ان المدنية لا تحتمل المجاملات الحزبية والاجتماعية والطائفية، فهي لاتقبل الا الوضوح والصراحة، ولا يقابل هذه الصراحة سوى سعة الصدر وحسن الاستماع والتدبر، فلا فائدة من التشكيك والتخوين و كيل الشتائم على كل ناقد. وكان على الحراك ان يركز بالبحث بالافكار بدلا من الانشغال بهوامش الظهور والبروز.

لم يفلت من جملة الاخطاء هذه سوى القلة من الفاعلين على الساحة، الا ان التنظيم كان ينقصهم مع الاسف الشديد، الامر الذي غيبهم عن المشهد مما قاد الى واقع الحال.

هذه ليست تدوينة تشفي او شماتة بأحد والعياذ بالله، فقد اكتويت من نفس النار مع الاخرين ، وانما هي فقط صرخة في اذن الحراك علها توقظ من سبات عن حقيقة المشكلة.