السبت، 12 سبتمبر 2009

د المقاطع وتاريخ المادة الثانية - الكويت دولة مدنية فقط !!

محاضر لجنة الدستور :

من محضر الجلسة الثانية (24\3\1962) :


المادة 4 ( المشروع الاول ) - ( دين الدولة الإسلام ) , ( والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ).


السيد الأستاذ محسن عبدالحافظ ( الخبير القانوني ) : الفقرة الأولى خاصة بأن دين الدولة الإسلام وهو أمر متفق عليه , وتعني الفقرة الثانية أن الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وهذا ليس معناه أنها المصدر الوحيد , بل هناك مصادر أخرى .

( موافقة ) ..


----------

من محضر الجلسة السابعة (22\5\1962) :

المادة 2 - ( المشروع الثاني ) ونصها :

( دين الدولة الإسلام , ولغتها الرسمية هي اللغة العربية ).

تعليقي : بعد الاعتراض على هذه الصيغة تم التعديل ولكن ( الى الصيغة الحالية ) لكونها اكثر مرونة , ولم يكن التعديل بالعودة الى الحالة في المشروع الأول لضمان عدم حصول لبس , وقد تسبب متاعب في صدد القوانين غير المأخوذة عن الشريعة او التي تكون محل خلاف في الشريعة , فالقانون الجنائي مثلا لا يتماشى مع احكام الشريعة , وكذلك قد يقال هذا بالنسبة لنظم المصارف والتأمين والقروض وغيرها . ولذلك آثر الدكتور عثمان ان يكون مكان العبارة بالقانون المدني كما فعل القانون المدني المصري .

( موافقة )


-----------------------


من محاضر المجلس التأسيسي , المناقشات التي جرت حول المادة الثانية على الروابط التالية :

1- محضر الجلسة 19\62 - 11 سبتمبر 1962

2- محضر الجلسة 24\62 - 24 اكتوبر 1962

-----------

من خلال مناقشات لجنة إعداد الدستور في الجلسة الثانية ( اختصرت مناقشاتها لطولها ) , ومن خلال الاجراء الذي اتخذه الخبراء الدستوريين بالتغيير في مشروع الدستور الأول الى المشروع الثاني , ومن خلال ايضا المناقشات التي جرت في المجلس التأسيسي بالمضابط المتوفرة في الروابط أعلاه , يتضح لنا بأن التوازن مابين تحديد هوية الدستور والذي هو اساس الدولة والمجتمع على انه ( مدني - عربي - اسلامي ) غير متوافر على الإطلاق , فالمجلس لم يأخذ بالفتاوى التي تتحدث عن الحكم بغير حكم الله واضحة والتي لا تقبل بألاخذ من غير الشريعة الإسلامية خصوصا مما له نص واضح , كالحدود مثلا واستعاض بدلا عنها بالقانون الجنائي , او البنوك الربوية والتأمين وغيرها مما كان محرما في تلك الفترة , او الملاحظة التي ابداها احد اعضاء المجلس عن ان الحكم في الكويت وراثي والحكم في الشريعة شوري ( لا تتقيد بصلب وراثي كما هو الحال بالديمقراطية الكويتية ) , فكيف نقول بأن الدولة اسلامية والمشرع كان قد اطلع على أحكام الله ولم يأخذ بها عن عمد ؟ , بل ان المناقشات تثبت بأن هناك رأي واضح رافض لبعض الاحكام التي تقرها الشريعة الاسلامية مثل قطع يد السارق .

وكيف يكون الدستور قد عدل مابين اسلامية وعربية ومدنية الدولة ؟ , فالدستور قد قدم ضمانة للمدنية وللحرية دون غيرها عندما نص بالمادة 175 على أن مبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز إقتراح تنقيحها مالم يكن التنقيح خاصا بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة .

هذه المادة لم تتحدث بالصيغة ( الإفتراضية ) التالية :

مبادئ الشريعة الاسلامية لا يجوز اقتراح تنقيحها مالم يكن التنقيح خاصا بالمزيد من الأخذ من الشريعة الاسلامية .

هذه الضمانة واضحة , فليس للمشرع تحديد نص المادة 30 والتي تنص على : الحرية الشخصية مكفولة , لا يستطيع المشرع تغيير هذه المادة الى الصيغة الافتراضية ( الحرية الشخصية مكفولة وتحكمها الشريعة الاسلامية ) , ولا يستطيع المشرع أيضا الغاء شيئ مما ورد بالمادة 29 , ولنفترض مثلا طلب إلغاء كلمة الدين الواردة بالمادة لأن مثل هذا التنقيح يتعارض مع الشرط الدستوري وهو - الا للمزيد من ضمانات الحرية والمساواة .

الا ان المشرع لديه القدرة على تغيير ما ورد بالمادة 18 , والتنقيح الى المزيد من الحريات يعني ان من المقبول لو تلغى العبارة الواردة بالمادة وهي ( الميراث حق تحكمه الشريعة الاسلامية ) , بحيث المزيد من التحرر من القيد المشروط ( احكام الشريعة الاسلامية ) بهذه المادة وبالتالي من المسموح التنقيح الى المزيد من الحريات بحيث يكون الميراث حق يحكمه قانون وضعي خاص .

الدستور الكويتي دستور مدني , وإن وردت به بعض النصوص والعبارات الشكلية والتي تتعرقل مع الشروط الدستورية الأهم مثل :

1 - تعارض الاخذ التام من الشريعة الاسلامية مع شرط التنقيح للمزيد من الحريات كما بينا أعلاه .

2 - تعارض وصف الكويت بالدولة العربية مع مواد الدستور التي تراعي المصالح العليا في البلاد , والدليل على بروتوكولية هذا الوصف وشكليته هو التمييز الوارد بمواد الدستور مابين الكويتي وغير الكويتي , ولم تكن هناك اي مميزات للوافد العربي او المواطن العربي بشكل عام , بل ان مناقشات اعداد الدستور تحدثت في بعض القضايا على وجوب التأكيد على الاعتبار لتمييز الجنسية الكويتية .

واعطي مثالا آخرا على شكلية هذه المادة , لنفترض بأن جامعة الدولة العربية قد اعترفت بالغزو العراقي الغاشم على الكويت , هل كان سيعني ذلك بأن الكويت ملزمة بهذا القرار المشترك ؟ , ام ان المصالح العليا للبلاد تقدم على كل موقف عربي كان ام اسلاميا ؟!! .

---------

الخلاصة , الدستور مدني وان لم يخلو من بعض الشكليات الدينية القومية التي لا تقدم ولا تؤخر ولا تساوي شيئا امام الحريات والتي هي صلب القوانين المدنية واساسها , وأغلب المواد الدستورية هي مواد مدنية بإستثناء مادة واحدة وهي التي نصت على ان الميراث حق تحكمه الشريعة الاسلامية .

وكما بينا أعلاه , فإن الدستور قد قدم ضمانات للحريات ( اساس القوانين المدنية ) دون غيرها , وقد كفل للمشرع الأخذ من الشريعة الاسلامية ( ما وسعه ذلك ) ما يعني بشرط عدم تعارض هذا التشريع مع اي مادة دستورية مدنية التي تحدد القدرة على الأخذ من الشريعة ومنها المادة المشار إليها أعلاه والتي اشترطت المزيد من ضمانات الحرية والمساواة , تماما مثل القانون الغير دستوري والذي يشترط التدين بالإسلام لمنح الجنسية الكويتية والذي سيسقط وغيره من القوانين الغير دستورية في حال لو اتجهت الى المحكمة الدستورية .

وكما بينا أيضا , بأن الدستور هو ركيزة الدولة والمجتمع , وهو الذي يحدد هوية الدولة لا من خلال بعض النصوص الشكلية البروتوكولية , وانما من خلال الصورة العامة للدستور .

هناك 4 تعليقات:

blacklight يقول...

الغالي حمد
كلامك عين الصواب ونعم الدستور الكويتي رغم نصوصه المتناقضه أساسه مدني يحترم بنود حقوق الإنسان لكن للأسف التيارات الإسلاميه والحكومه الكويتيه خلال ال30 عاما الماضيه صورت لنا أنه ذي أساس ديني .

لا ينكر عاقل ان دوله لم تطبق الشريعه الإسلاميه الى يومنا هذا ولن تطبقها لا يمكن وصفها أنها دينيه . نعم هي تحابي الدين والعروبه ببعض السياسات واللوائح لكنها بالنهايه ملتزمه بالهويه المدنيه التي تضمن حقوق المواطنين بلا تفرقه دينيه .

يا حمد أنا لم اكفر بالدستور لكن ممارسات شعبك المتطرفه والعنصريه والطائفيه هي ما يدفعني للتساؤل هل الدستور مدني ؟

حمد شخص يفهم الجانب المدني للدستور الكويتي ويريده لذلك هو يؤمن بالحريه واحترام الآخر المختلف عنه بأي مجال كان لكن الأغلبيه يا عزيزي ولنكن واقعيين الأغلبيه ليس فقط العوام والإسلاميين بل حتى من يدعي الوطنيه والمواطنه ليسوا كذلك . من الملام هنا ؟ قد يكون الدستور بريئا وقد اكون انا قد ظلمته لكنني متأكد أنني لم اظلم لا الدوله التي لم تكلف نفسها بشرح أهداف الدستور لمواطنيها .

موضوع رائع عزيزي أحسنت .

Hamad Alderbas يقول...

عزيزي بلاك لايت

فعلا المشكلة متجذرة بالقاعدة , وللأسف حتى تعديل قانون المحكمة الدستورية وان كان سيخلصنا من تلك الحوارات العقيمة فإنه لن يمنع مضيعة الوقت العبطية والتي ستتمثل بإقرار قانون ديني غير دستوري والعودة عنه ورفضه من خلال المحكمة واستمرار ذات المسلسل , لأن من اهدافنا بالاضافة الى تصحيح الممارسة او ( ترشيدها حسب وصف النيباري ) فإننا بحاجة للاستفادة من الوقت الذي لن يرحمنا , وبالتالي ليس علينا سوى العمل على تصحيح الممارسة الديمقراطية و نشر الوعي ودعوة القطاعات الشعبية للتغيير ودعوة جماعات الاسلام سياسي لإعادة النظر بواقعها وبفكرة التحول الى جماعات مدنية مؤمنة بالدستور وبالمساواة وبالتعايش السلمي وبأن الوطن هو ملك للجميع بغض النظر عن دينه او جنسه او طائفته او اصله , ولإعادة النظر بأفكارها التي ستهدم كل اسس الدولة والمجتمع الصحيح .

لا اعتقد بأننا امام خيارات اخرى , فلا الغاء الدستور ولا تنقيحه بطريقة غير شرعية سيقدمان شيئا حقيقيا كالذي يقدمه الدستور الحالي وبصورته الحالية للحرية وللعدالة والمساواة و لذلك أعتقد بأن من الجيد لو قامت حملة للتغيير بأتجاه المزيد من المدنية لتحقيق المساواة على ان يبقى الخلاف في اطار الفكرة العلمية .

تحية لك اخي العزيز واسعدني مرورك وتعليقك القيم

Mohammad Al-Yousifi يقول...

اتفق معك

سرقالي يقول...

المقال جميل
اتفق مع بلاكليت في أن المشكلة ليست في الدستور و لكن المشكل في التنفيذ ، و بالأخص بعد موجت الصحوات الاسلامية السياسية ، قبلها كان الدستور يطبق و كل شخص يحترم القانون ، اليوم حتى النشيد الوطني اصبح حرام