السبت، 7 فبراير 2015

راعي داعش !.

الدعاية الاعلامية لداعش مثيرة للاستغراب, فالحركة استطاعت السيطرة على الاعلام في مناطقها من خلال القتل العلني بالطرق البربرية من اجل ارهاب الاعلام الغربي وابعاد صحافييه. بالاضافة ذلك ممارستها باقي اشكال التفنن بالقتل ونشرها بطريقة سينمائية كما كان الحال بفيديو قتلها للطيار الكساسبة.








هذه الممارسات القذرة ليست غريبة على الانسانية, فمثل هذه الممارسات كانت قد حدثت بالتاريخ واخرها في بعض مناطق افريقيا ومنها سيراليون , حيث تأثير المخدرات الذي اوصل المقاتلين الصغار الى حد التفنن بممارسة التمثيل بالجثث والضحك بهستيريا والتفاخر على مثل هذه الممارسات ابان مايعرف بحرب الالماس الدموي. الا ان وجه الغرابة الاول يتمثل فيما ان كانت ممارسات داعش تقع بتأثير للمخدرات ام لا, فإن لم تكن كذلك فهذا يعني ان هناك خلل كبير في الفهم السائد للاسلام وعند قاعده عريضة وواسعة من الناس, لأن المسافة البعيدة التي تفصلهم عن المنطق وعن ابسط المشاعر الانسانية امر ينذر بأن الازمة اكبر مما نتخيل. 

الامر الاخر المثير للاستغراب ان هذه الممارسات وعلنيتها, تدللان على ان داعش لا تتخفى من شئ , لا كما كانت تفعل القاعدة التي تحاول دائما كسب الوقت ولملمة نفسها وتقوية صلبها, وهذه طبيعة اي مجموعات صغيرة تحاول البدء و الثبات قبل الانتشار, بل ان داعش من الواضح من خلال استمرارها باثارة العالم عبر فيديواتها وابتزازاتها وعبر مكينتها الاعلامية في مواقع التواصل الاجتماعي, تريد ان تبقى ظاهرة دائما ولا تبحث ابدا عن الظل من اجل اشاعة الاستقرار واعادة ترتيب الاوراق قبل الاستمرار. كما كان من الملاحظ السرعة في حركتها بالتوسع الى درجة النزول باتجاه بغداد قبل اشهر, كما اصبحت الان دولة لها صادرات نفطية ولها موارد ولها سوق سوداء في تركيا ولها مساجد تجنيد في اوربا ومراكز تدريب في العراق وسوريا ( ويقال في بلدان اخرى منها الاردن ), كما ان تتحكم بمساحة كبيرة من الاراضي الزراعية, ولها شعب محكوم من السنة الذين تقبلوها اما تحاشيا لشرورها او تفضيلا لها على الحكم الطائفي في العراق, كما ان لها جناح شرس يتمثل بفلول البعث ( الاختفاء الغريب لعزة الدوري وعدم عثور الاميركان عليه يعيد الذاكرة الى اشاعة عمالته للاميركان).
حسب جورغن تودنهوفر - الكاتب الالماني الذي زار داعش قد قال بمقابلة مع السي ان ان بأن حوالي 70% من دواعش العراق عراقيين والبقية اجانب, اما السوريون فيمثلون حوالي 30% فقط من جنود داعش في سوريا والبقية اجانب). ولداعش شرطة بادارات مختلفة و امامها مساحة للتنقل الى خارج المنطقة عبر تركيا, والسلاح والذخيرة لديها متوفرين.

ان من غير المنطقي ان تقوم دولة بهذا الحجم والقوة, وبهذه الثقة وبكل هذا الاطمئنان من دون ان تكون لها مظلة موثوقة, وفي الحقيقة فإن اردوغان ايضا ليس من النوع الذي من الممكن ان يراهن بسمعته في جانب دعم الارهاب و لم يكن ليفتح مطاراته وحدوده بهذا الشكل وهو الحليف للناتو من دون اي غطاء. اضف الى ذلك حالة الهدنة وحالة الاستقرار التي اصبحت ميزة لحدود داعش مع الاسد وايران وتركيا ولم تصدر هناك اى تهديدات سوى لدول الخليج والاردن.

في الحقيقة, السؤال الذي يطرح نفسه ليس عن المستفيد من داعش ووجودها في تلك المنطقة, فكل جيرانها مستفيدين. الاسد وايران من خلال اقتتالها مع المعارضة السورية, اردوغان واقتتالها المستمر مع الاكراد, السعودية على ما يبدو تداركت واصبحت اكثر تقبلا لبقاء النظام السوري على ان تبقى داعش على الخريطة. 

اما بالنسبة للاوربيين والامريكان, فعلى ما يبدو انهم متقبلين لبقاء الاسد واعادته الى الحظيرة, فالاسد يمتلك كمية هائلة من الاسلحة منها الغاز الكيماوي (اكثر من 1500 Mega tones- بحسب صحيفة شبيغل الالمانية التي نشرت تقريرا عن التعامل مع الاسد بهذا المجال من قبل شركات المانية وما قابله من تجاهل لفتح اي تحقيق بهذا الموضوع من قبل حكومة ميركل). هذه الاسلحة وامكانية سقوطها بيد المعارضة السورية تثير مخاوف الغرب, فبعد ان تصاعدت الازمة السورية وبدأت تتوسع المقاومة وقام السلف بنصرة هذه المقاومة ( قبل ظهور داعش), كانت هناك مباحثات بين المعارضة السورية والحكومة الامريكية, و كانت للحكومة الامريكية مطالب وشروط رفضتها المعارضة السورية مما افشل مباحثات اسقاط الاسد. اول هذه المطالبات كان يتعلق بدخول الامريكان للملمة الاسلحة الكيماوية. وما ان فشلت المباحثات حتى ابتعد التدخل الغربي وصوت البرلمان البريطاني ضد المشاركة في ذلك الوقت. 

ان بقاء الاسد واستمراره اصبحت حالة مرغوبة من قبل الاطراف القوية في العالم, فهو يستند على الروس والصينيين بالاضافة الى ايران من جانب, وبقاءه اصبح من مصلحة العالم الغربي. ولذلك, يبقى الوضع على ماهو عليه, وتبقى داعش ولن تنتهي بأقل من سنة بحسب احد المسئولين الامريكيين, ويبقى الرعاة الرسميين لداعش مجهولين, ويبقى الرئيس التركي اردوغان يمارس الدور الغبي في هذه اللعبة ( إما انه كذلك فعلا او انه عميل للامريكان), فهو يقوم بنفخ داعش من خلال تسهيلاته لها على اساس انها كرت (نافع كما يعتقد للاصرار على اسقاط الاسد!), اما السعودية, فقد اضحت وحيدة تحاول لململة شتات حلفائها التاريخيين بالخارج خصوصا بعد سقوط اليمن, ولذلك تحاول ان تظهر بشكل اخر امام المجتمعات الغربية من دون ان تقوم باستفزازات عنيفة لحلفاءها التقليديين في الداخل!.

ليست هناك تعليقات: