الجمعة، 26 يونيو 2015

داعش والكويت - حادثة مسجد الصادق (1)

رحم الله شهداء الصلاة وشافى الجرحى واعاننا على تطورات وسائل الارهاب.
حزنت ولم افاجأ بعد ان وعيت عصر اليوم على خبر العمل الارهابي الذي استهدف مسجد الامام الصادق في منطقة الصوابر, فالفكر الداعشي واساليبه التنفيذية, وفرص التحرك الواسعة و المتاحة امامه كلها واضحة. ولذلك اعتقد بأنني قادر على التعليق دون شعور بالعجالة كما قد يظن بعض الفاجعين.

الخلل الامني الواضح للعيان في وضح النهار بالشوارع يدلل على ان اسلوب الادارة الامني متخلف جدا, الامر الذي قد يستشف منه حالة سعة مساحة التحرك امام الدواعش, و على ما يبدو بأن الدواعش قد اختاروا هدفهم بعملية تعتبر بسيطة بالنظر الى قدراتهم, وبالتالي لم تكن العملية سوى لهدف دعائي ولا يصل الى حد الاستهداف المباشر للكويت او السعودية - بحالة العراق وسوريا وسيناء وغيرها -بهذا التوقيت.

الجماعة لازالت مشغولة بتثبيت نفسها كدولة غير مقيدة بأي التزامات دولية, فهي لا تولي اي اعتبار لمسألة الاعتراف الدولي بها وانما هي تهدف الى خلق امر واقع جديد في المنطقة بشكل خاص وفي مناطق العالم الثالث بشكل عام. فتقسيم هذه المناطق يواجه تحولا تجاه بسط سيطرة الجماعات القوية هلامية الشكل تقوم على نظام سياسي مختلف بنظام اداري ومالي مختلفين واعلام وعسكرة بطرق مختلفة جميعها لا تعترف بالانظمة السائدة دوليا, ففي السابق كل القوى التي وصلت للحكم قد تحولت الى الانظمة السائدة ولو شكليا و كانت تتحرج من الرأي العام الدولي وتراعي حاجتها للعلاقات مع الدول الاخرى, اما داعش فهي مختلفة في هذه المرة, حيث انها تضمن العلاقات الضرورية مع القوى المتحكمة وتسلط اهتمامها المرحلي باحكام السيطرة على مناطقها والتوسع تجاه اضعف النقاط في محيطها, ولسنا ببعيدين عن هذا الاتجاه!. 

مثل هذه الجماعات لا يمكن لها التحرك من دون غطاء وتمويل وحماية, و على ذلك يكون فهم السكوت الدولي عن الواقع اللوجستي الفعلي لداعش خصوصا على وعبر الاراضي التركية المعروف عنها الاختلاف بين خطابها الاعلامي ذوالصبغة الاسلامية العاطفية وبين طريقة تعاملها الفعلية مع الغرب بشكل عام واسرائيل بشكل خاص. وهذا السكوت الدولي يدلل على ان داعش قد قرر لها الرعاية وبالتالي النماء على مستوى الشرق الاوسط وافريقيا وربما اسيا بالمستقبل القريب. 
هذا ما يجب ان تعيه سلطات دول المنطقة, وعليها ان تتعامل مع واقع داعش على انها اختراق لعلاقة هذه الانظمة بالغرب خصوصا من الناحية الامنية, ولابد ان تتقبل هذه السلطات الى حاجتها للبديل الحقيقي عن منظومة المجتمع الدولي الا وهو الشعب من خلال اعادة صياغة الانظمة بكاملها من ناحية الادارة والاقتصاد والامن والامور الاجتماعية الاخرى.

الموضوع لا يتعلق فقط بملاحقة الخطاب الطائفي, وانما يحتاج لمراجعة شاملة لكل الاسباب التي تؤدي الى التجنيد السهل للصغار سواءا عبر الانترنت او عبر دوائر الاصدقاء التي تتغذى من مراكز الكراهية الرسمية وغير الرسمية, بالاضافة الى مراجعة النظام الامني بكامله, فتأمين حياة الناس ضرورة سواءا كان ذلك لمواجهة ارهابي مجند او مريض نفسي على سبيل المثال. 

نشر سيارات الشرطة لن يكون مفيدا ان كان الشرطة المكلفون مشغولون باجهزتهم الذكية, وجهاز امن الدولة من المفترض ان يكثف اعماله تجاه الخطر الحقيقي بدلا من الانشغال بتتبع المعارضين!.

الحادثة تحتاج لقراءة في تفاصيلها سواءا من ناحية تعامل الامن او الطوارئ او الاعلام, ولذلك حين. 

ليست هناك تعليقات: