الأحد، 14 يونيو 2015

صرخة في اذن الحراك.

لم اكن من الجازمين بتحقيق الحراك لاهدافه، بل كانت الامور تميل الى عدم تحقق النجاح من خلال حملة مؤقتة غاضبة لم تستوعب جذور المشكلة وتشعباتها، الامر الذي ادى الى حالة التيه والتشتت التي اصابت الحراك.

مشكلة الكويت ليست تافهة كما يعتقد البعض، وليست بسيطة الحل كما ظن البعض، وانما هي مشكلة جادة على اعتبار عدم ارتباط مستقبل الكويت بأي بدائل لدخل النفط، الذي ان هوت اسعاره فسينتهي كل شيئ، ووجود الدول لا يعني بالضرورة استمرارها على ذات الحال، هذا ايضا يفسر تحرك الشباب قبل ان تسوء الامور اكثر ويفقد المجتمع امكانية السيطرة على المشكلة. 

ان جذور مشكلة الكويت تعود الى منهجية افساد استمرت لعشرات السنوات، طالت الامن و التعليم والاعلام والسلوك والأخلاق والذمة، فنتج عنها الخلل الذي تأصل حتى بالمشروع البديل وهو الحراك السياسي، بحركاته السياسية ونخبه والمؤثرين فيه، فإنهار كل شئ كان مبنيا على الاساس الخاطئ.

كان ولازال من الخطأ ان تقوم الحركات السياسية على اسس غير علمية، كان ولازال من الخطأ التسليم بأشخاص قد تورطوا اما بالتعصبات باشكالها او الفساد، كان ولا زال من الخطأ الاعتماد على نواب لم يفعلوا شيئا من اجل الحريات او من اجل المشاركة السياسية طوال حياتهم البرلمانية.

كان من الخطأ اطلاق شعارات الوعود المبنية على الغضب الدعائي ودون اساس قائم على قراءة واقع القوى في الشارع والمزاج السائد والعقلية السائدة. كان من الخطأ مجاملة الممارسات الخاطئة للناس مما ادى الى تفشيها.

كان من الخطأ ان يعمل ويتحدث اعضاء البرلمانات السابقة بشكل مرسل بلا دراسة ولا ارقام. كما كان من الخطأ الاعتماد على "زعامات" بدلا من العمل الجمعي، وكان من الخطأ استمرار الحراك بلا مراجعة وتقييم دوريين بعد كل مرحلة.

الامة وقعت بالفخ، فإخفاء المعلومات ادى الى تبني سياسات خاطئة، و رعاية التعصبات أصلت الشقاق وازمة الثقة بين المواطنين، و الحملات الاعلامية اخافت السياسيين الذين كانوا يتحرجون في الكثير من المواقف.

إن ازمة الكويت اكبر من ان تحل بهذا الاسلوب، فالتعصب لا يتسق مع المدنية وظروفها التي تفرضها كالتعددية الثقافية والدينية، و حرية التعبير لا تجتزأ، اما العدالة فلا تقبل بفصل الذمة والنزاهة عن العمل العام.
كما ان المدنية لا تحتمل المجاملات الحزبية والاجتماعية والطائفية، فهي لاتقبل الا الوضوح والصراحة، ولا يقابل هذه الصراحة سوى سعة الصدر وحسن الاستماع والتدبر، فلا فائدة من التشكيك والتخوين و كيل الشتائم على كل ناقد. وكان على الحراك ان يركز بالبحث بالافكار بدلا من الانشغال بهوامش الظهور والبروز.

لم يفلت من جملة الاخطاء هذه سوى القلة من الفاعلين على الساحة، الا ان التنظيم كان ينقصهم مع الاسف الشديد، الامر الذي غيبهم عن المشهد مما قاد الى واقع الحال.

هذه ليست تدوينة تشفي او شماتة بأحد والعياذ بالله، فقد اكتويت من نفس النار مع الاخرين ، وانما هي فقط صرخة في اذن الحراك علها توقظ من سبات عن حقيقة المشكلة.

ليست هناك تعليقات: