الاثنين، 8 يونيو 2015

تركيا والنظام الرئاسي

حسمت الانتخابات التركية امر ثلثي المقاعد الذي كان يطمح حزب العدالة والتنمية الحفاظ عليها لتمرير تعديله الثقيل والمتمثل بالتحول من النظام البرلماني الرئاسي الى الرئاسي. وبغض النظر عن فرصة الحزب على تمريرها وفقا لتحالفات وتفاهمات, فإن من المهم المقارنة والبحث في اسباب التغيير للاستفادة.

الاختلاف بين الانظمة الرئاسي, والبرلماني, والرئاسي البرلماني  الطفيف له اهمية قد لا تظهر الا في وقت الازمات, فالصلاحيات المقلصة في النظامين البرلماني والبرلماني الرئاسي يعطيان الفرصة للحاكم - الوراثي او المنتخب - (بقدر عزلته عن السياسة ) صلاحيات تعد ضمانة للمجتمع من عدم تفرد نظام رئيس الحكومة واغلبيته البرلمانية من التفرد في القرار. في حين ان النظام الرئاسي يوفر هذه الفرصة للرئيس. 

هذا ما حدث بعد وصول هتلر للسلطة, فقد حاز على اغلبية توافقية ادت به للسلطة, فاستغل مالديه من صلاحيات في مطاردة خصومه واعلان الاحكام العرفية. ولكن تم هذا بعد عدة محاولات للرئيس الالماني لاستبعاد الحزب النازي وطموحاته من المشهد من خلال حل البرلمان, ولكن الارادة الشعبية كانت اقوى على اعتبار اهتمامها بالجوانب الاقتصادية اكثر من مسألة صعود ديكتاتورية دموية, ولو كان الهوى الشعبي مختلف ومع تدخل الرئيس لما حدثت حرب الدمار المجنونة.
ولكن مثل هذا لن يتكرر بسهولة في المانيا مابعد النازية ,او في المملكة المتحدة او بقية الديمقراطيات ذات النظام البرلماني او البرلماني الرئاسي, فالاعتبار لصلاحيات الحاكم المحددة  ازداد, فهي تقيد رئيس الوزراء المنتخب - او المستشار , فعند افتراض اعلان رئيس الوزراء الاحكام العرفية, فإن - رئيس الدولة- لديه حق التدخل بحل الحكومة والبرلمان والعودة للشارع في انتخابات مبكرة تعكس رأي الشارع بالازمة القائمة, فإما ان يجدد اختيار رئيس الوزراء او ان يضعف او ان يبعد. 

هذه الضمانة متوافرة في النظام الدستوري القائم بالكويت ولكن مع ميل خاطئ للنظام الرئاسي من خلال صلاحية اختيار الحاكم لرئيس الحكومة, بالاضافة الى التوسع في التصرف بما يتعارض مع الدستور اصلا وقبول الناس والمؤسسات بذلك كنتيجة الى المبالغة في تداخل السلطات والذي سببه دخول الحاكم في السياسة من خلال اختيار الحكومة وتأثير الحكومة على القضاء والبرلمان بدلا من ان يكون العكس. و قلة الصلاحيات كانت واضحة بعد احداث ديوان الحربش كمثال, عندما صرح سمو الامير بأنه اتخذ القرار - كقائد اعلى للقوات المسلحة - الرابط, مما يدلل على ان لا صلاحيات دستورية للحاكم للتدخل بأمر تنفيذي كهذا وبالتالي لم تكن هناك حجة اقوى لتبرير الامر, بل ان بعضهم قد برر بمقولة ان سمو الامير هو ولي الامر - كمحاولة اخرى فاشلة في التبرير وتم الرد عليها الرابط.  

مثل هذه الضمانات متوافرة بالنظام السياسي التركي الحالي , ولذلك يستوجب على رئيس الجمهورية الاستقالة من حزبه بعد فوزه برئاسة الدولة, على اعتبار ان الرئاسة يجب ان تكون حيادية لا ذات ميل سياسي وبالتالي تواجه خصومة شعبية. 

وبالنظر الى مسيرة تركيا بالسنوات الماضية, فإن اداء النظام السياسي اثبت فاعليته, فالاستقرار كان واضحا واداء رئيس الحكومة كان جيد من عدة نواحي, و بالتالي لا مبرر واضح لحماسة التغيير سوى ان اردوغان يريد ان يبقى في موقع التأثير حتى العام 2023 بعد ان استعصى عليه التجديد لفترة اطول في المنصب, الامر الذي دعى للتفكير بنقل الصلاحيات له في منصبه الجديد بالرغم من ان رئيس الوزراء يتبع ذات الحزب الذي مثله اردوغان طوال سنوات رئاسته للحكومة!. ولذلك فإن النزعة الفردية بادية على المشهد على الطريقة الشرقية - ماكو بهالبلد الا هالولد. 



ليست هناك تعليقات: