لا يوجد مقياس افضل من حالة الإعلام للتعرف على واقع الكويت سلطة وشعب ، ولا اعني هنا تشريح الإعلام للقضايا وانما اعني التردي الإعلامي نفسه.
فالنخبة الإعلامية باتت بالحضيض بإستثناء قلة من الصحفيين المهنيين ومن الكتاب ، أما المؤسسات ذاتها بالاضافة الى رؤساء التحرير وأغلب الكتاب والصحفيين فهم من مآسي المجتمع ، وهؤلاء لا يعملون على البحث والقراءة ثم توصيف المشاكل والحلول للناس ، ولا يعملون على مكاشفة السلطات وانما هم ادوات مستخدمه عند من يوفر لهؤلاء مصلحة معينة سواءا مالية او اجتماعية او سياسية ، وبالتالي فإننا ان تحدثنا عن الإعلام فإننا نتحدث عن اغلبية مرتزقة ، وفئة قليلة من الواضحين الصادقين الذين لاترى لكتاباتهم تأثير في مجتمع ( دمّه حار وعقله بارد ) كالمجتمع الكويتي.
هكذا تثبّت الفوضى ، وهكذا يكون الشذوذ هو القاعدة والأصل هو الشذوذ ، فتتابع المستجدات ويبنى التاريخ على هذه القاعدة الخاطئة ، فتزداد الفوضى ويتنامى كردة فعل على ذلك الشعور بالظلم والغضب عند الناس أي أن الثقة بسيادة القانون والعدالة تتناقص وبالتالي يتحول المجتمع الى غابة .
ثم تأتي السلطات لتكمل الدور الذي تقوم به المؤسسات الاعلامية المسترزقة ، تتغيّب السلطة التنفيذية او تغض الطرف عن طرح معين وتفتح عينها على جهة اخرى ، ثم تأتي الزعامات السياسية المصطنعة لتغض الطرف عن هذا وتوجه نظر الناس لطرف آخر ، والخطورة الكبرى عندما تمارس مثل هذه الممارسات في قضايا ذات بعد طائفي او قبلي او فئوي فتتحول الاطروحات الشاذة الى قضايا رئيسة فتجر المجتمع ومن ثم عقلاء نخبته ( المهتمين بالعمل التوعوي من الاعلاميين والناشطين ) الى قضايا لم يكن من المفترض النقاش فيها حتى ويكون الموقف منها بديهي عند كل عاقل يحترم نفسه ويحترم مجتمعه.
لست بصدد ذكر امثلة حية هنا على هذه الممارسات ، لن اتحدث عن غض السلطة الطرف عن المتقوّلين على الامير ولن اتحدث عن ايميل الوشيحي ولا عن القناة المدعوة بالسور ، وانما اريد التأكيد على أن عقلاء الامة و المخلصين من إعلامييها مطالبون بإعطاء هذه المشكلة الكبيرة حقها ، فعليهم تركيز الجهود بالجانب الاعلامي التوعوي خصوصا بعد تحرر جزء من الاعلام من تسلط الحكام والحكومات، والساسة الكاذبين من خلال الانفتاح و سقف الحرية المرتفع الذي يوفره الانترنت، أو في أية فسحة يرونها من الممكن ان توصل رسائلهم للعامة.
هل هذا الأمر يعنيكم ؟
نعم هو كذلك إن كنا نتأمل انقاذ الكويت التي تعاني من تسيّد الجُهّال الذين لايجب أن نسمح بأن يجروا كل المجتمع الى ساحة قاذوراتهم!.
هناك تعليق واحد:
شكرا على المدونه الرائعه...))
إرسال تعليق