السبت، 7 مارس 2015

رومانسية الحراك لا طائل منها.

لم يعد للشعارات تأثيرها في الناس، فالمنطقة تشبعت من تجارب اصحاب الشعارات التي كانوا هم اول من يدوس الشعارات بعد وصولهم للسلطة. والحراك لا يجب ان يبقى متعلقا بأمل اقناع الناس بالشعارات وعليه ان يفهم بأن الرومانسية دورها هامشي في السياسة ويستخدم فقط لتهذيب شكل الاهداف والممارسات.

الحكومة المنتخبة ستؤدي الى و الى ، التوافقات والاتفاقات على العناوين العريضة ستقضي على الفساد وسترفع قبضة الفاسدين عن الدولة، تماما كالشعار الذي رفعه عبيد الوسمي للفاسدين والمهلة التي اعطاها اياهم والتي كانت 48 ساعة دون ان يقول كيف سيتحقق شعاره وبالتالي فشل ولم يهرب خلال ثلاث اعوام الا سارق واحد فقط!.

كل هذا الكلام لا قيمة له ان لم تكن اليات تحقيقه متوفرة و الخطط والبرامج واضحه ومعلنة للناس، فالناس تدرك فقدان الحراك للكثير من الضروريات التي يحتاجها الاصلاح ولذلك ترى الناس قد فقدت حماستها بالسنتين الماضيتين.

الحراك لم يجب على التساؤلات البهديهية التي عند الناس، فمن يستطيع ان يضمن ان تكون الحكومة المنتخبة ستؤدي الى الافضل، في الوقت الذي تعجز به الحركات السياسية عن تنظيم نفسها داخليا مما ينعكس بصورة مشروع وطن؟،  وكيف سيرد الحراك على من يتسائل عن امكانية تحقيق الاصلاح والمحاسبة على يد بعض المتورطين بشبهات فساد وتبعية او شيكات؟!، وكيف سيصدق الناس ان الطائفيين في الحراك يعملون على تحقيق حكومة منتخبة تضمن حقوق الاقليات وتحترم مبدأ التعددية وغيرها من الضروريات؟.

عندما يتحدث الحراك عن حكومة منتخبة فعليه ان يثبت بأنه على قدر الاستحقاق من خلال عرض القوى السياسية - المرشحة لقيادة الحكومة المنتخبة ( ولو واحده منها) على الناس مشروع تغيير بحجم دولة مهترئة، لا ان يكتفي بشوية عموميات دستورية مع تجنب الخوض بالتفاصيل!، وعندما يتحدث الحراك عن محاربة الفساد والفاسدين ومن تورط بها فعليه ان يبدأ بنفسه، وعندما يتحدث الحراك عن الرغبة بتحقيق مجتمع حداثي متعدد ومتسامح وعادل، فعليه ان يكون واضحا في معالجة مابه من مشاكل ذات ابعاد طائفية او فئوية.

الحراك بتجربته غير كافي لاقناع الناس، فالحراك ذاته من المفترض ان يتحول الى اتحاد قوى سياسية ذات تنظيم حزبي لها برامج واهداف واقعية ومقنعة وتتماشى مع الحد الادنى من الاتفاق وهو في شكل الدولة المدنية الديمقراطية ذات التعدد الطائفي والفئوي وما الى ذلك.

الان فات عامين دون استغلال، والخسائر تزداد والتفرد يتوسع و مدة العلاج تمدد والى الان لم تحدث مراجعة جادة.

المسألة لايجب الاستهانة بها، المشكلة قديمة فالديمقراطية كنا نقول بأنها كانت موجودة وتراجعت، في حين انها لم تكن موجودة اصلا، فالدستور لم يكن شعبيا مئة بالمئة وتدخلات الاسرة استمرت طوال عمر البرلمان والقوى السياسية لم تحصل على فرص متكافئة. كل ماكان لدينا هو هامش من المشاركة الشعبية أي صوت يسبب الحرج وكل هذا قضى وانتهى وتلاشى وذهبت معه ايام الترف البرلماني والقضايا الهامشية السخيفة التي طغت على القضايا الرئيسية كالدفاع عن الحريات و تحقيق قدر اكبر من المشاركة الشعبية ولو عالاقل بفك ما يسمى وزارات السيادة، وغيرها من المواضيع التي اهملت.

نريد التغيير و الاصلاح ونريد ملاحقة الفاسدين ونرفض السلطة المطلقة للحاكم ونرفض البرلمان الصوري، ولكن نريد الحلول المنطقية المثبتة بارقام وادلة ونريد ان نرى ارتقاء بالخلاف فنحن لا زلنا بعيدين عن هذا في الوقت الذي لازلنا مختلفين على ما ان كنا نريد دولة مدنية تعددية ام دولة دينية!، هذا بالاضافة الى اننا لا زلنا نناقش موضوع نزاهة بعض المؤثرين وما ان كان من المفترض ان يبعدوا من الصف الاول ام ان يستفاد وجودهم في الواجهة، كما اننا لا زلنا بعيدين عن محاسبة المسئولين عن حالة الترف البرلماني التي طغت كما ذكرت على عشرات السنوات من العمل البرلماني وخصوصا تلك الفترة التي اعقبت التحرير والى العقد الاول من الالفينيات.

ليست هناك تعليقات: