الى صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الاحمد الصباح حفظه الله ..
بعد السلام ,,
لا أدري إن كانت ستصل هذه الرسالة , ولكنني أتأمل وصولها سواءا كان ذلك بشكل مباشر او عبر إطلاع سموكم على هذه الرؤية بلقاءاتكم مع الناس او مع المقربين ...
إنني اتحدث بلساني كشاب كويتي لا أكثر , لدي الكثير من الهواجس المتعلقة بمستقبل الكويت و من الشكوك حول قدرتنا اليوم على النهوض في الكويت , ولدي رؤية اكتبها هنا علها تصل , او سأكون بأسوأ الاحوال قد عبرت عن مشاعري بهذه المساحة الضيقة .
إن الكويت يا صاحب السمو تعاني من أزمة كبيرة لم يظهر منها الا القليل وهذا دون استصغار لأحداث السنوات الاخيرة , فبالنظر الى ما ينتظرنا على المدى البعيد مع الاعتبار لحال الكويت اليوم سنصل الى نتيجة مفادها أن الكويت زائلة , فنحن بلا ضمانات تكفل لنا الاستقرار على المدى البعيد , ونحن نعاني من ادارة تنفيذية ومن مجلس تشريعي لا يرقيان الى مستوى التصدي لتحديات المستقبل , فالكويت تعتمد على مصدر ناضب للدخل , ومهدد ببدائل للطاقة يتقدم العالم بها بشكل جاد , ونحن نساوي صفر في جانب الامن الغذائي ولم نحقق شيئا في جانب الاكتفاء الذاتي , ونحن نستثمر اموالنا في بلدان قد نعجز عن استعادتها في وقت الجد , تماما كما كاد يحدث ايام الغزو العراقي عندما كادت تجمد اموال الكويت , بل انها كان من الممكن ان يسمح للنظام العراقي بالتصرف بها في حال لو اعترف المجتمع الدولي بسلطة الاحتلال لولا لطف الرحمن ولولا جهود أهل الكويت قيادة وشعب .
ولست يا صاحب السمو ممن يعّول على خطة التنمية وعلى التحول الى مركز مالي والى ميناء حيوي في ظل هذا النهج القائم والمستمر في آلية إختيار الفريق الوزاري المسئول الاول عن التنفيذ والمتابعة والاشراف , وطالما أننا لم نشهد محاسبة على تجارب سابقة فلم تعد هناك اي ضمانات على أن المشاريع تسير بالطريقة المثلى , ولننظر الى تجربة استاد جابر على سبيل المثال , فقد اخذ من المال والجهد والوقت الكثير , وهو مشروع أشرفت عليه الحكومة منذ انطلاقته الى موعد استلامه , ومع ذلك فقد ظهرت المخالفات اليوم بعد تقاعس القيادات الحكومية عن المتابعة الجدية لمثل هذا المشروع مما اثار علامات الاستفهام حول ما إن كان هناك من سيحاسب من هؤلاء المسئولين , وما ان كان هذا التقاعس متعمد لمقابل مصالح خاصة معينة , وهو الامر الذي لم تنتفي اسبابه في المشروعات القادمة مثل مشروع مدينة الحرير او مشروع ميناء مبارك الكبير او حتى مشروع مستشفى جابر الذي تأخر كثيرا دون ان يحدد ولو مسؤول واحد عن هذا التأخير.
وبذلك فلن يكون من المعقول أن ننتظر ونحن نرى أموال الدولة وسنوات عمرها وعمرنا تضيع في انتظار مشروعات ينخرها الفساد , خصوصا وأن لنا تجارب أكثر مرارة مع الحكومات المتعاقبة , و نحن كمواطنين نعاني ولانزال حتى مع أصغر موظف بالدولة , نعاني بالعيادات الحكومية مع الاطباء وفي المستشفيات , وفي ادارات واقسام وزارة الشئون والعمل , ونعاني في الداخلية والمرور والهجرة والجوازات , ونعاني في المدارس مع نظام تعليمي متخلف هربنا بأبنائنا منه الى التعليم الخاص , ولنا أقرباء واحباء ظلموا في العلاج بالخارج والدلائل متوافرة , ونعاني في الشارع بسبب اختلال التركيبة السكانية وعجز الحكومات المتعاقبة عن اصلاح الحال , ونعاني ايضا مع السكن وتضخم اسعاره المفتعل بسبب فوضوية التركيبة السكانية والاحتكار ولغيرها من الاسباب , ونحن نعاني من تفشي الواسطة والمحسوبية على اكبر مستوى , فتوقيع وزير - يسوى الدنيا ونظامها الانساني ومافيها !, ونعاني في جانب التعليم الجامعي وفوضى جامعة الكويت و جشع الجامعات الخاصة , وتعطيلات وبيروقراطية المكاتب الثقافية في الخارج ونعاني من سوء المعاملة في وزارة التعليم العالي , ومن بين شبابنا من مورس ضده التمييز في قبول الكليات العسكرية , وفي الشركات النفطية وفي غيرها من الاماكن الحساسة التي تلبي طموح الكثير من الكفاءات التي ظلمت هي ومعها معيار الكفاءة , وهناك التعسف الاداري والمحسوبية بالترقي و التعمد بالاضرار الوظيفي الذي يعاني منه الكثير من الشباب بسبب مسئوليهم , والكثير الكثير يا صاحب السمو مما بدأنا به ولن ننتهي منه .
و للناس يا صاحب السمو حق الإعتراض على أي حدث فوضوي إما عبر البرلمان , وإما عبر القضاء , وهذه الطريقة النظامية هي الصحيحة والمقبولة , الا أن هناك الكثير من العراقيل , فالمحاسبة عبر مجلس الامة باتت تسمى تأزيم ولا تمر الا بجلسة سرية او انها توأد بالتدخلات الحكومية الغير دستورية والا ديمقراطية , والشكوى عبر مجلس الامة بات صوتها غير مسموع من قبل السلطة التنفيذية ونهجها الحالي , كيف لا وقد بات البرلمان بأغلبيته أشبه بإدارة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء وهذا ما له ربط مع الاستفسار عن اموال التنمية و مع الاستفهام حول الشبهات المثارة ضد نواب الاغلبية الحكومية , وهو الأمر الذي اسقط الثقة بالبرلمان وهو ما ادى الى حادثة الاربعاء الشهيرة .
أما السلطة القضائية , فالقضايا بها معطلة وتمتد لسنوات طويلة جدا , بالاضافة الى ان الناس تعاني مع ادارات السلطة التنفيذية بسبب حرص تلك الادارات على عدم تقديم اي مستند او دليل يتقاضى المواطن معها بناءا عليه , فالمعاملات تقدم بلا وصل استلام , والدولة لم تتقدم بهذا الجانب لضمان حقوق المواطنين القضائية , ولذلك فإن الناس باتت تستصعب طريق القضاء خصوصا وأن المشاكل عديدة وقد تستنزف جيب المواطن بالصرف على المحاماة ودون توقع بإسترجاعها لتأخر الاحكام ولتعطل المحاكم .
يا صاحب السمو المفدى ..
إننا نعاني إنسانيا , فتعامل الحكومات المتعاقبة سئ للغاية ولا يراعي حقوق الانسان , ولا دليل أبلغ الا استمرار معاناة العمالة الوافدة مع الكفلاء ومع تجار الاقامات , ولا دليل أبلغ من معاناة البدون وفقدانهم الهوية لسنوات طويلة تراكمت فيها الاجيال فوق بعضها البعض دون أمل بعلاج المشكلة بشكل جذري , هذا بالاضافة الى الممارسات التي تحدث بالتوقيفات وفي زنازين الحجز , ودون أن تحرك الحكومات المتعاقبة ساكنا , ودون أن تنتفض هذه الحكومات لصالح إعلانكم تمسكّم بالدستور قبل غيركم , فتجد أن هذه الحكومات قد تخاذلت في جانب احترام حرية التعبير واحترام حرية الاعتقاد حتى وما نص عليه الدستور بخصوص العدالة والمساواة بين المواطنين , فترى التمييز الطائفي احيانا , وترى التمييز الفئوي , ودون ان تحرك ساكنا بإتجاه مكافحة هذه المخالفات الدستورية .
يا صاحب السمو حفظكم الله ..
إننا بحاجة ماسة اليوم لإختيار فريق حكومي يتصف بصفات القيادة والانقاذ , إننا بحاجة للإنحياز للعقول وللكفاءات لا الاسماء ولا الاعتبارات الاجتماعية او السياسية , إننا نريد من يخرج بالبلد من هذا الكهف المظلم , فلم يعد هناك وقت لإضاعته , فالعالم يتقدم و يكافح لكي يحيا ويستمر ولن يلتفت لمن سيقع خلفه , ونحن دولة ضعيفة لن تكون قادرة على العيش معتمدة على نفسها , ولذلك نحن بحاجة لمن يملك الهدف والرؤية الملتزمة بالاسس القانونية والسياسية لتحقيقه , ونحن بحاجة للنزيه النظيف لنعمل معه ونعينه و لننتظره بثقة بأن ما يقدم عليه سيتحقق .
ونحن بحاجة يا صاحب السمو لبرلمان جديد يستعيد ثقتنا به , بعد الفضائح التي لم تحصل بتاريخ البرلمانات بالعالم , برلمان يغنينا عن النزول للشارع وللساحات , برلمان يحقق اسس الديمقراطية والحوار وخصوصا في جوانب النزاهة والشفافية والمعرفة , فليعد البرلمان الحالي للشارع يا صاحب السمو فلا فائدة لإستمراره من دون ثقة الناس .
وبالختام ..
أتمني أن تنتهي مسألة المعتقلين , هؤلاء الشباب الذين تصرفوا بطريقة هي طبيعية جدا ناتجة عما ذكرته من ملاحظات أعلاه , ونحن لا نريد الا أن نكون معكم بالانطلاق نحو كويت التغيير والنهوض .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدونة صندوق حمد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق