الخميس، 28 أبريل 2011

خطر التقدم في المشروع الديمقراطي !

ربما يعتقد البعض بأن الإصرار على التمسك بالنظام الديمقراطي يساوي الاعتقاد الديني الفردي الخاص , فهذا النظام الذي بح صوت ابائنا عليه وحاولنا اكمال المسيرة من بعدهم هو نظام سياسي ابتدعه الانسان ولا يرقى للإعتقاد المطلق بضرورته .

أقصد , أن هذا المشروع من الممكن التنازل عنه إن لم يحقق طموح الناس الذين اقتنعوا بفكرة المواطنة بالاضافة الى فكرة المشاركة في الحكم وبإتخاذ القرار , فالنظام الديمقراطي يعبر عن ارادة الناس الحرة في اتخاذ القرار وليست مقيدة سوى بشروط المواطنة والعيش المشترك .

وعلى هذا الاساس , ليس من المقبول ابدا ممارسة الديكتاتورية بإسم الاغلبية , لأن الارادة الشعبية الحرة مقيدة وأكررها مرة اخرى مقيدة بشروط المواطنة التي اساسها الاحترام المتبادل للخصوصيات الدينية وللمساواة بغض النظر عن الدين والاصل والجنس , والتجاوز على هذا الشرط الاساسي في الحياة الديمقراطية هو تعد على احد اهم مبادئ النظام الديمقراطي , ومن غيره فلا ديمقراطية حقيقية ولن يكون هناك مانع للتفكير في بديل قد تراه اقلية ما افضل من استمرار النظام الديمقراطي القاصر على مستوى الاسس .

هنا اتحدث عن الديمقراطية بشكل عام , دستور 1962 و مجلس الامة , والدستور هو ابو التشريع والرقابة , ومجلس الامة هو الذي يمثل الامة التي لها السيادة .

الهدف من خلال هذا التوضيح هو الاشارة الى ان الاقليات المؤثرة ستكون مستعدة للتنازل عما هو اقل شأنا من الدستور ومن السلطة الاهم وهي السلطة التشريعية والمنظمة لكل من السلطة القضائية والسلطة التنفيذية , فإن كنا سنتنازل عن السلطة الاهم فكيف سيكون الحال بالنسبة للسلطة الاقل اهمية وهي السلطة التنفيذية , ما الذي يمنعنا من التنازل عن الاداء الجيد لها ؟!.

عن نفسي كنت ممن طالب بالتطوير السياسي من خلال البرنامج الاصلاحي بالخطوات التي تحدثت عنها سابقا , تعديل قانون المحكمة الدستورية وتعزيز استقلال القضاء واعلان الاحزاب والحكومة الشعبية - بالتوالي , على اساس ان هذه الخطوات ستؤدي الى المزيد من المشاركة الشعبية من خلال حيازة النظام البرلماني على السلطة التنفيذية .

هذا المشروع من وجهة نظري سيكون عالقا بل ولا يجب ان يمر حتى تسوى الأمور قبل ان يتحول برنامج الاصلاح الى برنامج المزيد من الفوضى , فإعلان الاحزاب والدائرة بالتصويت النسبي وتشكيل الحكومة البرلمانية قد يؤدون الى سيطرة من يرون انفسهم فوق الدستور والمواطنة وفوق المبادئ الانسانية بحجة الدين ووصاية الدين , وبالتالي فإن دعم المشروع من دون اصلاح جذري في فكر الجماعات السياسية ومن يؤيدها سيؤدي الى سيطرة دينية لا مبادئ لها على السلطة التنفيذية وقبلها السلطة التشريعية , الامر الذي سيوفر فرصة لابأس بها لهذه الجماعات لشل الحركة في الدولة بل وربما للسيطرة على المؤسسات العسكرية .

مثل هذه الازمات قد حصلت في العديد من البلدان , فالاسلاميين مستعدين تحت الشعار الضرورة الدينية لحرق الدستور ان كان سيشكل عقبة امام حفظهم على ما قد يتحقق لهم من قدر عالي من السلطة , خصوصا ان تزامن مثل هذا الحدث مع دول اخرى في المنطقة الامر الذي سيجعلنا تحت رحمة هذه الجماعات وفكرها الغريب !.

آخر بوادر هذا الفكر التسلطي تمثلت بالاقتراح الذي اعلن عن عزمهم تقديمه والمتمثل باعدام من يسئ الى الصحابة وآل البيت والأنبياء والرسل , فهم يريدون ربط مسميات فضفاضة وقد تتعلق احيانا باجتهاد لا يتعدى التعبير عن الرأي او عن فكرة بحكم إعدام يدل على ان الجماعة ليست لديهم مشكلة مع التعسف , هذا وهم في هذا الضعف ودون ان يستطيعوا ان يحققوا رقما قويا في البرلمان فكيف لو تحولت الدولة الى الاحزاب والتمثيل النسبي والحكومة المنتخبة ؟!.

أعتقد بأن لابد من التفكير فيما يدور ولابد من اعادة النظر في حال تيارات الاقليات واقصد هنا التيارات الوطنية بالاضافة الى التيارات الشيعية الاسلامية التي يجب ان تعيد النظر هي الاخرى بمبادئها الاساسية , وعليها ان تتخلى عن مشروعها الديني لصالح النظام المدني - بالاضافة الى ضرورة تخليها عن مشاريع المنطقة التي تستقطبها , وذلك من اجل خلق توازن مبني على اسس مفهومة وواضحة , بدلا من التشتت لحاقا بالمصالح المتعارضة بين هذه القوى المفككة وخصوصا من انبطح منها امام الفساد الحكومي !.

اما بالنسبة للقوى الدينية المسيطرة , فأتمنى منها فعلا ان تفكر على الاقل في مشروع المواطنة بدلا من تشتيت الجهود في قضايا يسال عنها مراهق بالسادسة عشر من عمره في بعض الاحيان !

هناك تعليق واحد:

statue of liberty يقول...

طالما ظلت المادة الثانية من الدستور ثابتة...لاتزال هناك فسحة من الامل بعدم العبث السياسي- بأسم الدين- بالحقوق والواجبات العامة للمواطنين.