الاثنين، 4 أبريل 2011

الكويت لن تكون أولويتي !

حب الوطن , مقولة يكررها الكثيرين بمناسبة او دونها , ودون ان يكون هناك معنى واضح لهذا القول .

هناك الكثيرون يعتقدون بأن حب الوطن والولاء له يغني عن كل شئ آخر , واحيانا تجد ان هناك من يحاول ان يصور بأن حب الوطن مرتبط بالانحياز الديني او المذهبي او الفئوي او القبلي .

حب الوطن وحده ليس بشئ مهم , ليس بشئ مهم فعلا , فحب الوطن كلما اشتد كلما أسأنا لفكرة الخلق , ولكما اشتد كلما بالغنا بالاساءة للآدمية ! , لأن المبالغة بحب الوطن قد تؤدي الى تكرار لتجارب سابقة كانت المبالغة فيها في حب الوطن قد ابعدت الكثير من البشر عن آدميتهم , وهذا ما هو مثبت عبر التاريخ من خلال الحروب التي حصلت في العالم بين الأوطان لدوافع المصالح الوطنية , فظلم العديد من الناس وقتل وانتهكت حرمات الآدميين تحت راية حب الوطن التي قد تصل الى حد التعصب للوطن .

حب الوطن وحده , قد يكون دافعا للتشكيك حتى في مكونات الأمة الواحدة , وهو ما يؤدي الى التفرقات العصبية بكل انواعها , دينية طائفية او عرقية او فئوية او غيرها , وهذا ما قد يتسبب حروب اهلية من الصعب معالجة اثارها , بل ان هناك من الامم من لم تقدر على الخروج من اثار مثل هذه الخلافات واتجهت نحو نظم المحاصصة وتقطيع الوطن المحبوب الى مناطق نفوذ مختلفة .

حب الوطن لاينفع من دون ركيزة مهمة تسمى المواطنة , وهذه المواطنة اتت كنتيجة لابداعات البشرية أي انها تعود للإنسان وهو أصل الاوطان وأصل الدول !.

فالمواطنة والتي هي اهم اساس في الوطن , لها قواعد شبه محددة منها على سبيل المثال التسليم لفكرة ان الاوطان تحتمل العيش المشترك بين المختلفين , وهذا ما قد تم ضبطه بنصوص اغلب الدساتير في العالم ومنها دستور دولة الكويت الذي يحظر التفرقة على اساس الاصل او الجنس او الدين , بالاضافة الى نصوص اخرى تضمن حماية الوطن والدولة من تدخل الاختلافات فيها مثل حرية التعبير والحرية الشخصية وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية , ومن غير الالتزام بهذه النصوص الانسانية الرفيعة فإن الوطن سيكون معرضا لما تحدثت عنه اعلاه من حروب اهلية وانشقاقات وغيرها ومن يقبل بذلك فليعرف بأنه بعيد كل البعد عن حب الوطن !.

اما الانسانية وهي اصل المواطنة !, فهي قد حصلت على قدر جيد من الضمانات , من خلال الاعلان العالمي لحقوق الإنسان بالاضافة الى المواثيق الدولية الاخرى التي تقيد الحروب الهجومية والاحتلال وما شابه من تعديات تمارس ضد الانسانية بمبرر حب الوطن ومصلحة الوطن , حتى دستور الكويت قد راعى بشكل رائع هذا الموضوع وقد حرم على الدولة الشروع بحرب هجومية على اي دولة اخرى بالاضافة الى الزامه للدولة بإتباع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان .

أستخلص مما ذكرته أعلاه , بأن القبول بتقدير الانسانية , واحترام اساس التعايش السلمي والذي يصطلح بالمواطنة هما أهم بكثير من حب الوطن , فحب الوطن لن يكون الا كذبه يضحك البعض منا على نفسه بها دون هذين الاساسيين , ولذلك علينا أن ننحاز أكثر لكل من الانسانية والمواطنة قبل ان نفكر بالانحياز لحب الوطن . وهنا نعود الى القضية الأهم وهي الانحياز للحق من خلال النظر بعدالة لأي قضية نواجهها لأن الانحياز للحق سيعني ترجيح كفة المظلوم لا الظالم , وهذا ما سيكون متسقا مع المبدأ المتمثل بإعطاء الانسانية الاولوية , اما الانحياز للوطن , فقد يضطرنا الى الانحياز للظالم على حساب المظلوم تحت عنوان مخادع يسمى حب الوطن وهو في حقيقته ليس الا تعصبا للوطن يناقض مطالبتنا الدائمة بالعدالة وبالحفاظ على الكرامة الانسانية وعلى إعلاء مكانة الانسان ومنحه قيمة أكبر قدر الامكان خصوصا وان قيمة الإنسان لا تقدر بثمن !.

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

بصراحه ماقريت كل مدونتك لانشغالي الدائم! لكن من هذي المقاله أقول انت والله أعلم انسان نقي ..

الانسان مو انسان بدون انسانيته..

غير معرف يقول...

حق ، و عز من يدافع عن الحق هذه الأيام.

غير معرف يقول...

احسنت

جزاكـ الله خير